١ - بَاب النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ وَالْخِلَافَةُ
فِي قُرَيْشٍ
١
- (١٨١٨)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِيَانِ الْحِزَامِيَّ). ح
وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ. قَالَا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ،
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله ﷺ. وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ: يَبْلُغُ بِهِ
النَّبِيَّ ﷺ. وقَالَ عَمْرٌو:
رِوَايَةً (النَّاسُ تَبَعٌ
لِقُرَيْشٍ فِي هذا الشأن. مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم).
(يبلغ به) أراد به الدلالة على أن الحديث
مرفوع. وكذلك المراد بقوله: رواية.
٢ - (١٨١٨)
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول
اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (النَّاسُ
تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ. مسلمهم تبع لمسلمهم. وكافرهم تبع لكافرهم).
(الناس تبع لقريش في هذا الشأن) وفي رواية:
الناس تبع لقريش في الخير والشر. وفي رواية: لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي
قُرَيْشٍ مَا بقي من الناس اثنان. وفي رواية البخاري: ما بقي منهم اثنان. هذه
الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش. لا يجوز عقدها لأحد من
غيرهم. وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة. فكذلك بعدهم. ومن خالف فيه من أهل
البدع، أو عرض بخلاف من غيرهم، فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم،
بالأحاديث الصحيحة. قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة. قال: وقد
احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على الأنصار يوم السقيفة، فلم ينكره أحد. قال
القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع. ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول
ولا فعل يخالف ما ذكرنا. وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار.
٣ - (١٨١٩)
وحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (النَّاسُ تَبَعٌ
لقريش في الخير والشر).
(الناس تبع لقريش في الخير والشر) معناه في
الإسلام والجاهلية، كما هو مصرح به في الرواية الأولى. لأنهم كانوا في الجاهلية
رؤساء العرب وأصحاب حرم الله وأهل حج بيت الله. وكانت العرب تنظر إسلامهم. فلما
أسلموا وفتحت مكة تبعهم الناس وجاءت وفود العرب من كل جهة ودخل الناس في دين الله
أفواجا. وكذلك في الإسلام هم أصحاب الخلافة والناس تبع لهم. وبين ﷺ أن هذا الحكم
مستمر إلى آخر الدنيا، ما بقي من الناس اثنان.
٤ - (١٨٢٠)
وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. حدثنا عاصم بن محمد ابن
زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
قَالَ رسول الله ﷺ (لَا يَزَالُ
هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ، مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ).
٥ - (١٨٢١)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ حصين، عن جابر ابن
سَمُرَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ. ح وحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ
الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ
عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانَ) عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى
النَّبِيِّ ﷺ. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى
يَمْضِيَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً). قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ
خَفِيَ عَلَيَّ. قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قال؟ قال (كلهم من قريش).
(إن هذا الأمر لا ينقضي ..) وفي رواية: لَا
يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثنا عشر رجلا كلهم من قريش. وفي
رواية: لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خليفة كلهم من
قريش. قال القاضي: قد توجه هنا سؤالان: أحدهما أنه قد جاء في الحديث الآخر:
الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا. وهذا مخالف لحديث اثني عشر خليفة، فإنه لم
يكن في ثلاثين سنة إلا الخلفاء الراشدون الأربعة والأشهر التي بويع فيها الحسن بن
علي. قال: والجواب عن هذا أن المراد في حديث الخلافة ثلاثون سنة، خلافة النبوة. وقد
جاء مفسرا في بعض الروايات: خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا. ولم يشترط
في هذا الاثني عشر.
السؤال الثاني: أنه ولى أكثر من هذا
العدد. قال: وهذا اعتراض باطل. لأنه ﷺ لم يقل: لا يلي إلا اثنا عشر خليفة، وإنما
قال: يلي. وقد ولى هذا العدد ولا يضرهم كونه وجد بعدهم غيرهم. ويحتمل أن يكون
المراد مستحق الخلافة، العادلين قال: ويحتمل أن المراد من يعز الإسلام في زمنه
ويجتمع المسلمون عليه.
٦ - (١٨٢١)
حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ
بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ (لَا
يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا). ثُمَّ
تَكَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَيَّ. فَسَأَلْتُ أَبِي: مَاذَا
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ (كُلُّهُمْ مِنْ قريش).
(١٨٢١) - وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عن سماك بن جابر ابن سَمُرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَلَمْ يَذْكُرْ (لَا يَزَالُ أَمْرُ الناس
ماضيا).
٧ - (١٨٢١)
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً) ثُمَّ قَالَ
كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا. فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ (كُلُّهُمْ مِنْ
قُرَيْشٍ).
٨ - (١٨٢١)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ دَاوُدَ، عَنْ
الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (لَا يَزَالُ
هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً). قَالَ: ثُمَّ
تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ. فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ
(كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ).
٩ - (١٨٢١)
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ. ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ
النَّوْفَلِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا أَزْهَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ
عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. قَالَ:
انْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
وَمَعِي أَبِي. فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا
مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً) فَقَالَ كَلِمَةً صَمَّنِيهَا النَّاسُ.
فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ (كلهم من قريش).
(صمنيها) أي أصموني عنها فلم أسمعها لكثرة
الكلام. قال في المصباح: لا يستعمل الثلاثي متعديا. ونقل ابن الأثير، في النهاية،
الحديث هكذا: أصمنيها الناس أي شغلوني عن سماعها، فكأنهم جعلوني أصم.
١٠ - (١٨٢٢) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (وَهُوَ ابْنُ
إِسْمَاعِيلَ) عَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، مَعَ غُلَامِي
نَافِعٍ: أَنْ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قال: فكتب
لي:
سمعت رسول الله ﷺ، يَوْمَ جُمُعَةٍ،
عَشِيَّةَ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ، يَقُولُ (لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ. أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً. كُلُّهُمْ
مِنْ قُرَيْشٍ) وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الْأَبْيَضَ.
⦗١٤٥٤⦘
بَيْتَ كِسْرَى. أَوْ آلِ كِسْرَى).
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ
فَاحْذَرُوهُمْ). وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (إِذَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدَكُمْ خَيْرًا
فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ). وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (أنا الفرط على
الحوض).
(عصيبة) تصغير عصبة، وهي الجماعة. أي جماعة
قليلة من المسلمين.
(أنا
الفرط في الحوض) الفرط معناه السابق إليه، والنتظر لسقيكم منه. والفرط والفارط هو
الذي يتقدم القوم إلى الماء ليهيء لهم ما يحتاجون إليه.
(١٨٢٢) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُهَاجِرِ
بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ سَمُرَةَ
الْعَدَوِيِّ: حَدِّثْنَا مَا سمعت من رسول الله ﷺ. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ حَاتِمٍ.
(العدوي) كذا هو في جميع النسخ: العدوي. قال
القاضي: هذا تصحيف، فليس هو بعدوي، إنما هو عامري من بني عامر بن صعصعة. فتصحف
بالعدوي.
٢ - بَاب الِاسْتِخْلَافِ وَتَرْكِهِ
١١
- (١٨٢٣)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ.
فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ. وَقَالُوا: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. فَقَالَ: رَاغِبٌ
وَرَاهِبٌ. قَالُوا: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا
وَمَيِّتًا؟ لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ. لَا عَلَيَّ وَلَا لِي.
فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي (يَعْنِي أَبَا
بَكْرٍ). وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ. مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي،
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
قال عَبْدُ اللَّهِ: فَعَرَفْتُ
أَنَّهُ، حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.
(راغب وراهب) أي راج وخائف. ومعناه: الناس
صنفان أحدهما يرجو والثاني يخاف. أي راغب في حصول شيء مما عندي أو راهب مني. وقيل:
راغب في الخلافة فلا أحب تقديمه لرغبته. وراهب لها فأخشى عجزه عنها.
(فَإِنْ
أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مني) حاصله أن المسلمين أجمعوا
على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت، وقبل ذلك، يجوز له الاستخلاف ويجوز له
تركه. فإن تركه فقد اقتدى بالنبي ﷺ في هذا. وإلا فقد اقتدى بأبي بكر رضي الله عنه.
وأجمعوا على انعقاد الخلافة
بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان، إذا لم يستخلف الخليفة.
وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة، كما فعل عمر بالستة. وفي هذا
الحديث دليل على أن النبي ﷺ لم ينص على خليفة. وهو إجماع أهل السنة وغيرهم. قال
القاضي: وخالف في ذلك بكر، ابن أخت عبد الواحد. فزعم أنه نص على أبي بكر. وقال ابن
الراوندي: نص على العباس. وقالت الشيعة والرافضة، على علي. وهذه دعاوي باطلة،
وجسارة على الافتراء، ووقاحة في مكابرة الحس. وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا
على اختيار أبي بكر، وعلى تنفيذ عهده إلى عمر، وعلى تنفيذ عهد عمر بالشورى. ولم
يخالف في شيء من هذا أحد. ولم يدع علي ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من
الأوقات. وقد اتفق علي والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة، من ذكر وصية لو
كانت. فمن زعم أنه كان لأحد منهم وصية فقد نسب الأمة إلى اجتماعها على الخطأ
واستمرارها عليه. وكيف تحل لأحد من أهل القبلة أن ينسب الصحابة إلى المواطأة على
الباطل في كل هذه الأحوال. ولو كان شيء لنقل. فإنه من الأمور المهمة.
١٢ - (١٨٢٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ومحمد بن رافع وعبد بن حميد. وألفاظهم متقاربة
(قال إسحاق وعبد: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ). أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ. أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ. قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَتْ:
أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ؟ قَالَ قُلْتُ: مَا كان ليفعل.
قالت: إنه لفاعل. قَالَ: فَحَلَفْتُ أَنِّي أُكَلِّمُهُ فِي ذَلِكَ. فَسَكَتُّ.
حَتَّى غَدَوْتُ. وَلَمْ أُكَلِّمْهُ. قَالَ: فَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ
بِيَمِينِي جَبَلًا. حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ. فسألني عن حال الناس.
وأنا أخبره. قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ
مَقَالَةً. فَآلَيْتُ أَنْ أَقُولَهَا لَكَ. زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ
مُسْتَخْلِفٍ. وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِي إِبِلٍ أَوْ رَاعِي غَنَمٍ ثُمَّ
جَاءَكَ وَتَرَكَهَا رَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ. فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ.
قَالَ: فَوَافَقَهُ قَوْلِي. فَوَضَعَ رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيَّ.
فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَحْفَظُ دِينَهُ. وَإِنِّي لَئِنْ لَا
أَسْتَخْلِفْ فإن رسول الله ﷺ لم يستخلف. وإن أستخلف فإن أبو بَكْرٍ قَدِ
اسْتَخْلَفَ.
قَالَ: فَوَاللَّهِ! مَا هُوَ إِلَّا
أَنْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ. فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أحدا. وأنه غير مستخلف.
(آليت) حلفت.
٣ - بَاب النَّهْيِ عَنْ طَلَبِ الْإِمَارَةِ
وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا
١٣
- (١٦٥٢)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ. قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (يَا
عَبْدَ الرَّحْمَنِ! لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ. فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا،
عَنْ مَسْأَلَةٍ، أُكِلْتَ إِلَيْهَا. وَإِنْ أُعْطِيتَهَا، عَنْ غَيْرِ
مَسْأَلَةٍ، أعنت عليها).
(أكلت) هكذا هو في كثير من النسخ أو أكثرها:
أكلت. وفي بعضها: وكلت. قال القاضي: هو في أكثرها بالهمز. قال: والصواب بالواو. أي
أسلمت إليها ولم يكن معك إعانة. بخلاف ما إذا حصلت بغير مسألة.
(١٦٥٢) - وحَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَى.
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ. ح وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ
حُجْرٍ السَّعْدِيُّ. حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ وَمَنْصُورٍ وَحُمَيْدٍ. ح
وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عن
سماك ابن عَطِيَّةَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ. كلهم عن
الحسن، عن عبد الرحمن بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
١٤ - (١٧٣٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بْنُ
الْعَلَاءِ. قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بريد بن عبد الله، عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. أَنَا
وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي. فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ الله!
أمرنا على بعض ما ولا ك اللَّهُ عز وجل. وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ
(إِنَّا، وَاللَّهِ! لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ. وَلَا
أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ).
(حرص) حرص بفتح الراء وكسرها. والفتح أفصح.
وبه جاء القرآن. قال الله تعالى: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين.
١٥ - (١٧٣٣) حدثنا عبيد الله بن سعيد ومحمد بن
حَاتِمٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَاتِمٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ
الْقَطَّانُ. حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ. حدثنا حميد ابن هِلَالٍ.
حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ. قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى:
أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
وَمَعِي رَجُلَانِ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ. أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ
عَنْ يَسَارِي. فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ. وَالنَّبِيُّ ﷺ يَسْتَاكُ. فَقَالَ
(مَا تَقُولُ؟ يَا أَبَا مُوسَى! أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ!) قَالَ
فَقُلْتُ:
⦗١٤٥٧⦘
وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا
أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا. وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ
الْعَمَلَ. قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ، وَقَدْ
قَلَصَتْ. فَقَالَ (لَنْ، أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ.
وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ، يَا أَبَا مُوسَى! أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
قَيْسٍ!) فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ. ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بن حبل. فَلَمَّا
قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: انْزِلْ. وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً. وَإِذَا رَجُلٌ
عِنْدَهُ مُوثَقٌ. قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ.
ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ، دِينَ السَّوْءِ. فَتَهَوَّدَ. قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى
يُقْتَلَ. قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ: اجْلِسْ. نَعَمْ. قَالَ: لَا
أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ. قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
فَأَمَرَ بِهِ فقتل. ثم تذاكر الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا،
مُعَاذٌ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أرجو في
قومتي.
(موثق) أي مشدود بالوثاق. والوثاق، بفتح
الواو وكسرها، القيد والحبل ونحوهما.
(السوء)
مصدر ساءه، إذا فعل به أو قال له ما يكرهه. ومعناه القبح. فمعنى دين السوء دين
القبح.
(وَأَرْجُو
فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي) معناه أني أنام بنية القوة وإجماع النفس
للعبادة وتنشيطها للطاعة. فأرجو في ذلك الأجر، كما أرجو في قومتي، أي صلاتي.
٤ - بَاب كَرَاهَةِ الْإِمَارَةِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ
١٦
- (١٨٢٥)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي أَبِي،
شعيب ابن اللَّيْثِ. حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ
أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ
الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا
تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي. ثُمَّ قَالَ (يَا
أَبَا ذَرٍّ! إِنَّكَ ضَعِيفٌ. وَإِنَّهَا أَمَانَةُ. وَإِنَّهَا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ. إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وأدى الذي
عليه فيها).
(إنك ضعيف وإنها أمانة) هذا الحديث أصل عظيم
في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. وأما
الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها، فيخزيه
الله تعالى يوم القيامة ويقضحه ويندم على ما فرط. وأما من كان أهلا للولاية، وعدل
فيها، فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة.
١٧ - (١٨٢٦) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كلاهما عن المقريء. قَالَ زُهَيْرٌ:
⦗١٤٥٨⦘
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يَزِيدَ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (يَا
أَبَا ذَرٍّ! إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا. وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ
لِنَفْسِي. لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ. وَلَا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم).
(لا تأمرن) بحذف إحدى التاءين. أي لا تتأمرن.
وكذلك قوله: تولين، أي تتولين.
٥ - بَاب فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ.
وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ، وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ، وَالنَّهْيِ
عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ
١٨
- (١٨٢٧)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ
نُمَيْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو (يَعْنِي
ابْنَ دينار)، عن عمرو بنأوس، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. قَالَ ابْنُ
نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ. وَفِي حَدِيثِ زُهَيْرٍ
قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (إِنَّ
الْمُقْسِطِينَ، عِنْدَ اللَّهِ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ. عَنْ يَمِينِ
الرَّحْمَنِ عز وجل. وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ؛ الَّذِينَ
يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وما ولوا).
(ولوا) أي كانت لهم عليه ولاي ة.
١٩ - (١٨٢٨) حدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا
ابن وَهْبٍ. حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ. قَالَ:
أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ
شَيْءٍ. فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ.
فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا
نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا. إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ،
فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ. وَالْعَبْدُ، فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ. وَيَحْتَاجُ إِلَى
النَّفَقَةِ، فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ. فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي
الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخِي، أَنْ أُخْبِرَكَ مَا
سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا (اللَّهُمَّ! مَنْ
وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ.
وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فارفق به).
(ما نقمنا منه شيئا) أي ما كرهنا، وهو بفتح
القاف وكسرها.
(١٨٢٨) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ
حَرْمَلَةَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ، عن النبي ﷺ. بمثله.
٢٠ - (١٨٢٩) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. حدثنا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ
ابْنِ عُمَرَ،
عَنْ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
(أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ. وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَالْأَمِيرُ
الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وَالرَّجُلُ
رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ. وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ
عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ. وَالْعَبْدُ
رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ. أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ.
وكلكم مسئول عن رعيته).
(ألا كلكم راع) قال العلماء: الراعي هو
الحافظ المؤتمن، الملتزم صلاح ما قام عليه، وهو ما تحت نظره. ففيه أن كل من كان
تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته.
(١٨٢٩) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
محمد بن بشر. حدثنا ابن نمير. حدثا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى.
حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَي (يَعْنِي الْقَطَّانَ). كُلُّهُمْ عن عبيد الله
ابن عُمَرَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ح وحَدَّثَنِي زهير بن حرب. وحدثنا إِسْمَاعِيلُ. جَمِيعًا
عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ.
أخبرنا الضَّحَّاكُ (يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ). ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بن سعيد
الأيلي. حدثنا ابن وهب. حدثني أُسَامَةُ. كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ. مثل حديث الليث عن نافع.
م ١ - (١٨٢٩) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ:
وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ. حدثنا عبد الله ابن نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، بِهَذَا، مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ
عَنْ نافع.
م ٢ - (١٨٢٩) وحَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ.
كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ح وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ
بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وهب. أخبرني يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ
⦗١٤٦٠⦘
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ:
قَالَ:
وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ
(الرجل راع، في مال أبيه، وهو مسئول عن رعيته).
م ٣ - (١٨٢٩) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمِّي، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي رَجُلٌ سَمَّاهُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرٍ،
عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ، بِهَذَا الْمَعْنَى.
٢١ - (١٤٢) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ. قَالَ:
عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
زِيَادٍ، مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ. فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
فَقَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ. لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ. إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ
يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
الْجَنَّةَ).
(لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا
حَدَّثْتُكَ) وفي الرواية الأخرى: لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ
بِهِ. يحتمل أنه كان يخافه على نفسه قبل هذا الحال. ورأى وجوب تبليغ العلم عنده
قبل موته، لئلا يكون مضيعا له. وقد أمرنا كلنا بالتبليغ.
(١٤٢) - وحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ، عَنْ الْحَسَنِ. قَالَ: دَخَلَ
ابْنُ زِيَادٍ عَلَى مَعْقَلِ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ وَجِعٌ. بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي
الْأَشْهَبِ. وَزَادَ: قَالَ: أَلَّا كُنْتَ حَدَّثْتَنِي هَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ؟
قَالَ: مَا حَدَّثْتُكَ. أَوْ لَمْ أَكُنْ لَأُحَدِّثَكَ.
٢٢ - (١٤٢) وحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ
الْمِسْمَعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى
(قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ
هِشَامٍ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ؛
أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ
دَخَلَ عَلَى مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ. فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي
مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ (مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ
الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ
مَعَهُمُ الْجَنَّةَ).
(١٤٢) - وحَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ
الْعَمِّيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ. أَخْبَرَنِي سَوَادَةُ بْنُ
أَبِي الْأَسْوَدِ. حَدَّثَنِي أَبِي؛ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ مَرِضَ.
فَأَتَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ. نَحْوَ حَدِيثِ الْحَسَنِ
عَنْ مَعْقِلٍ.
٢٣ - (١٨٣٠) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ.
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ؛
أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو، وَكَانَ
مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول (إن شَرَّ
الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ. فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ) فَقَالَ لَهُ:
اجْلِسْ. فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ. فَقَالَ: وهل
كانت لهم نخالة؟ إنما النخالة بعدهم، وفي غيرهم.
(إن شر الرعاء الحطمة) قال في النهاية:
الحطمة هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار. يلقى بعضها على بعض
ويعسفها. ضربه مثلا لوالي السوء: ويقال أيضا: حطم، بلا هاء.
(نخالة)
يعني لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم. بل من سقطهم. والنخالة، هنا،
استعارة من نخالة الدقيق. وهي قشوره. والنخالة والحثالة والحفالة بمعنى واحد.
(وَهَلْ
كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ؟ إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بعدهم وفي غيرهم) هذا من
جزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم. فإن الصحابة رضي الله عنهم كلهم
هم صفوة الناس وسادات الأمة وأفضل ممن بعدهم. وفيمن بعدهم كانت النخالة.
٦ - بَاب غِلَظِ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ
٢٤
- (١٨٣١)
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
ذَاتَ يَوْمٍ. فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ. ثُمَّ قَالَ
(لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ
بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ. يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا
أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا. قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ. فَيَقُولُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا. قَدْ
أَبْلَغْتُكَ. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ
⦗١٤٦٢⦘
يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى
رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ. يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَغِثْنِي.
فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا. قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لَا أُلْفِيَنَّ
أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ.
فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ
شَيْئًا. قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ. فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا. قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ
صَامِتٌ. فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أملك لم شيئا.
قد أبلغتك).
(لا ألفين) أي لا أجدن أحدكم على هذه الصفة.
ومعناه لا تعملوا عملا أجدكم، بسببه، على هذه الصف.
(رغاء)
الرغاء: صوت البعير.
(حمحمة)
هي صوت الفرس، دون الصهيل.
(ثغاء)
هو صوت الشاة.
(صياح)
هو صوت الإنسان.
(رقاع)
جمع رقعة، والمراد بها هنا، الثياب.
(تخفق)
تضطرب.
(صامت)
الصامت من المال: الذهب والفضة.
والمعنى إن كل شيء يغله الغال، يجيء
يوم القيامة حاملا له ليفتضح به على رؤوس الأشهاد. سواء كان هذا المغلول حيوانا أو
إنسانا أو ثيابا أو ذهبا وفضة.
وهذا تفسير وبيان لقوله تعالى: ﴿وما
كان لنبي أن يغل وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
(١٨٣١) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ
بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ أَبِي حَيَّانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ
الْقَعْقَاعِ. جميعا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. بِمِثْلِ
حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ.
٢٥ - (١٨٣١) وحدثني أحمد بن سعيد بن صخر الدرامي.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ)
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ
جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْغُلُولَ
فَعَظَّمَهُ. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ. قَالَ حَمَّادٌ: ثُمَّ سَمِعْتُ يَحْيَي
بَعْدَ ذَلِكَ يُحَدِّثُهُ. فَحَدَّثَنَا بِنَحْوِ مَا حَدَّثَنَا عنه أيوب.
(١٨٣١) - وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ
أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
٧ - بَاب: تَحْرِيمِ هَدَايَا الْعُمَّالِ
٢٦
- (١٨٣٢)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ). قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ:
اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ (قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ
أَبِي عُمَرَ: عَلَى الصَّدَقَةِ) فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ. وَهَذَا
لِي، أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَحَمِدَ
اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. وَقَالَ (مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ:
هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي! أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي
بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا. وَالَّذِي نَفْسُ
مُحَمَّدٍ بيده! لا ينال أحد منكم شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ. أَوْ بَقَرَةٌ لها خوار. أو شاة
تيعر). ثم رفع يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ. ثُمَّ قَالَ
(اللهم! هل بلغت؟) مرتين.
(الأسد) ويقال له: الأزدى، من أزد شنوءة.
ويقال لهم: الأسد والأزد.
(تيعر)
معناه تصيح. واليعار صوت الشاة.
(عفرتي
إبطيه) بضم العين وفتحها. والأشهر الضم. قال الأصمعي وآخرون: عفرة الإبط هي البياض
ليس بالناصع، بل فيه شيء كلون الأرض. قالوا: وهو مأخوذ من عفر الأرض. وهو وجهها.
(١٨٣٢) - حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن
حميد. قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. قَالَ:
اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ ﷺ ابن
اللتبية، رجلا من الأزدر، عَلَى الصَّدَقَةِ. فَجَاءَ بِالْمَالِ فَدَفَعَهُ إِلَى
النَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ: هَذَا مَالُكُمْ. وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ (أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ
فَتَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْكَ أَمْ لَا؟) ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ خطيبا. ثم ذكر
نحو حديث أبي سفيان.
٢٧ - (١٨٣٢) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ
بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. قَالَ:
اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
رَجُلًا من الأزدر عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ. يُدْعَى ابْنَ الْأُتْبِيَّةِ.
فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ. قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ. وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (فهلا
⦗١٤٦٤⦘
جلست في بت أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى
تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا؟) ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ (أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ
منكم على العمل مما ولا ني اللَّهُ. فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا
هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى
تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، إِنْ كَانَ صَادِقًا. وَاللَّهِ! لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَحْمِلُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ
بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ. أَوْ بَقَرَةً لَهَا خوار. أو شاة تيعر). ثم رفع يديه حتى
رؤي بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. ثُمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ! هَلْ بَلَّغْتُ؟) بصر عيني وسمع
أذني.
(حاسبه) محاسبة العمال ليعلم ما قبضوه وما
صرفوا.
(فلأعرفن)
هكذا هو في بعض النسخ: فلأعرفن. وفي بعضها فلا أعرفن، بالألف على النفي. قال
القاضي: هذا أشهر. قال: والأول هو رواية أكثر رواه صحيح مسلم.
(بصر
عيني وسمع أذني) معناه أعلم هذا الكلام يقينا. وأبصرت عيني النبي ﷺ حين تكلم به،
وسمعته أذني. فلا شك في علمي به.
٢٨ - (١٨٣٢) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وأبو معاوية. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ ابن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح
وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدَةَ وَابْنِ نُمَيْرٍ: فَلَمَّا جَاءَ
حَاسَبَهُ. كَمَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ:
(تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ
مِنْهَا شَيْئًا). وَزَادَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ قَالَ: بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ
أُذُنَايَ. وَسَلُوا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ. فَإِنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مَعِي.
٢٩ - (١٨٣٢) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا
جرير عن الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ (وَهُوَ أَبُو
الزِّنَادِ)، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَ
رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ. فَجَاءَ بِسَوَادٍ كَثِيرٍ. فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا
لَكُمْ. وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
⦗١٤٦٥⦘
قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ لِأَبِي
حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فقال: من فيه إلى
أذني.
(عن عروة بن الزبير) هكذا هو في أكثر النسخ:
عن عروة إن رسول الله ﷺ. ولم يذكر أبا حميد. وكذا نقله القاضي هنا عند رواية
الجمهور. ووقع في جماعة من النسخ: عن عروة بن الزبير عن أبي حميد. وهذا واضح. أما
الأول فهو متصل لقوله: قال عروة فقلت لأبي حميد: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ؟ قال: من فيه إلى أذني. فهذا تصريح من عروة بأنه سمعه من أبي حميد.
فاتصل الحديث. ومع هذا فهو متصل بالطرق الكثيرة السابقة.
(بسواد
كثير) بأشياء كثيرة وأشخاص بارزة من حيوان وغيره. والسواد يقع على كل شخص.
٣٠ - (١٨٣٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ
قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول (من
اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ،
كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ
رَجُلٌ أَسْوَدُ، مِنْ الْأَنْصَارِ. كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! اقبل عني عملك. قال (ومالك؟) قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا
وَكَذَا. قَالَ (وَأَنَا أَقُولُهُ الْآنَ. مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى
عَمَلٍ فليجيء بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. فَمَا أوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ. وَمَا نُهِيَ
عنه انتهى).
(مخيطا) هو الإبرة.
(١٨٣٣) - حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. ح وحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
إسماعيل، بهذا الإسناد، بمثله.
٢ م - (١٨٣٣) وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى. حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ يَقُولُ. بِمِثْلِ حديثهم.
٨ - بَاب وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ
مَعْصِيَةٍ، وَتَحْرِيمِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ
٣١
- (١٨٣٤)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَا:
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ:
قَالَ ابن جريح: نزل: ﴿يا أيها
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ
مِنْكُمْ﴾ [٤ /النساء /٥٩] فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ
عَدِيٍّ السَّهْمِيِّ. بَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ. أخبرنيه يعلى ابن
مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عباس.
٣٢ - (١٨٣٥) حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي.
أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قَالَ (مَنْ أَطَاعَنِي
فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ. وَمَنْ يُطِعِ
الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي. وَمَنْ يَعْصِ الأمير فقد عصاني).
(من أطاعني فقد أطاع الله ...) وقال في
المعصية مثله. لأن الله تعالى أمر بطاعة رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَمَرَ هو ﷺ بطاعة
الأمير، فتلازمت الطاعة. وقد ذكر الخطابي سبب اهتمام النبي ﷺ بشأن الأمراء حتى قرن
طاعتهم إلى طاعته، فقال: كانت قريش ومن يليهم من العرب لا يعرفون الإمارة، ولا
يدينون لغير رؤساء قبائلهم. فلما كان الإسلام وولى عليهم الأمراء أنكرت ذلك نفوسهم
وامتنع بعضهم عن الطاعة. فأعلمهم ﷺ أن طاعتهم مربوطة بطاعته، ومعصيتهم بمعصيته.
حثا لهم على طاعة أمرائهم لئلا تتفرق الكلمة.
(١٨٣٥) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ
حَرْبٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ (وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي).
٣٣ - (١٨٣٥) وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن
وهب. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أبي هريرة،
عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ
أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ. وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ. وَمَنْ
أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي. وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي).
(١٨٣٥) - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
زِيَادٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رسول الله ﷺ. بمثله.
سواء.
٢ م - (١٨٣٥) وحدثني أبو كامل الجحدري.
حدثنا أبة عَوَانَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ. قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ. ح وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. سَمِعَ أَبَا عَلْقَمَةَ.
سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. نَحْوَ حديثهم.
٣ م - (١٨٣٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ
بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.
٣٤ - (١٨٣٥) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ؛ أَنَّ أَبَا يُونُسَ، مَوْلَى أَبِي
هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ عَنِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. بِذَلِكَ. وَقَالَ (مَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ) وَلَمْ يَقُلْ
(أَمِيرِي). وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
٣٥ - (١٨٣٦) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كلاهما عَنْ يَعْقُوبَ. قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (عَلَيْكَ السَّمْعَ
وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ. وَمَنْشَطِكَ ومكرهك. وأثرة عليك).
(عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك) قال
العلماء: معناه تجب طاعة ولا ة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره، مما ليس
بمعصية. فإن كان معصية فلا سمع ولا طاعة.
(ومنشطك
ومكرهك) هما مصدران ميميان. أو اسما زمان أو مكان.
(وأثرة)
بفتح الهمزة والثاء. ويقال بضم الهمزة وإسكان الثاء. وبكسر الهمزة وإسكان الثاء:
ثلاث لغات حكاهن في المشارق وغيره. وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم.
أي اسمعوا وأطيعوا، وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم.
وهذه الأحاديث في الحث على السمع
والطاعة في جميع الأحوال. وسببها اجتماع كلمة المسلمين. فإن الخلاف سبب لفساد
أحوالهم في دينهم ودنياهم.
٣٦ - (١٨٣٧) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ.
قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ:
إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ
أَسْمَعَ وَأُطِيعَ. وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ.
(وإن كان عبدا مجدع الأطراف) يعني مقطوعها.
والمراد أخس العبيد. أي أسمع وأطيع للأمير وإن كان دنيء النسبة. حتى لو كان عبدا
أسود مقطوع الأطراف. فطاعته واجبة.
(١٨٣٧) - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ.
أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي
عِمْرَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَا فِي الْحَدِيثِ: عَبْدًا حَبَشِيًّا
مجدع الأطراف.
٢ م - (١٨٣٧) وحَدَّثَنَاه عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي
عِمْرَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، كَمَا قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: عَبْدًا مُجَدَّعَ
الْأَطْرَافِ.
٣٧ - (١٨٣٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
يَحْيَي بْنِ حُصَيْنٍ. قَالَ: سَمِعْتُ جَدَّتِي تُحَدِّثُ؛
أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ
يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الوداع. وهو يقول (لو اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ
يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَاسْمَعُوا له وأطيعوا).
(١٨٣٨) - وحَدَّثَنَاه ابْنُ بَشَّارٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ
شُعْبَةَ، بِهَذَا الإسناد. وقال (عبدا حبشيا).
٢ م - (١٨٣٨) وحدثنا أبو بكر بن أبي
شيبة. حدثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وقال
(عبدا حبشيا مجدعا).
٣ م - (١٨٣٨) وحَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذْكُرْ (حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا) وَزَادَ: أَنَّهَا
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بمنى، أو بعرفات.
٤ م - (١٨٣٨) وحدثني سلمة بن شبيب.
حدثنا الحسن بن أَعْيَنَ. حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الْحُصَيْنِ. قَالَ:
سَمِعْتُهَا تَقُولُ:
(حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
حَجَّةَ الْوَدَاعِ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَوْلًا كَثِيرًا. ثُمَّ
سَمِعْتُهُ يَقُولُ (إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ (حَسِبْتُهَا
قَالَتْ) أَسْوَدُ، يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ. فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا).
٣٨ - (١٨٣٩) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن
عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
(عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ. فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ.
إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ. فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ
وَلَا طَاعَةَ).
(١٨٣٩) - وحَدَّثَنَاه زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حدثنا يحيي (وهو القطان). ح وحدثنا ابْنُ
نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٣٩ - (١٨٤٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن
جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ؛
إن رسول الله ﷺ بَعَثَ جَيْشًا
وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا. فَأَوْقَدَ نَارًا. وقال: ادخلوها. فأراد الناس
أَنْ يَدْخُلُوهَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا. فَذُكِرَ
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ، لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا
(لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) وَقَالَ
لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا. وَقَالَ (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المعروف).
٤٠ - (١٨٤٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ.
وَتَقَارَبُوا فِي اللَّفْظِ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً.
وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ
يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا. فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ. فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي
حَطَبًا. فَجَمَعُوا لَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوا. ثُمَّ
قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا؟
قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَادْخُلُوهَا. قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
فَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رسول الله ﷺ من النَّارِ. فَكَانُوا
كَذَلِكَ. وَسَكَنَ غَضَبُهُ. وَطُفِئَتِ النَّارُ. فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا
ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ. فَقَالَ (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا. إِنَّمَا
الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ).
(١٨٤٠) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
٤١ - (١٧٠٩) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ. قَالَ:
بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى
السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ. فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ. وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ.
وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا. وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ.
وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا. لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ
لَوْمَةَ لَائِمٍ.
(١٧٠٩) - وحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (يَعْنِي ابْنَ إِدْرِيسَ). حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بن الوليد،
في هذا الإسناد، مثله.
٢ م - (١٧٠٩) وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ) عَنْ يَزِيدَ
(وَهُوَ ابْنُ الْهَادِ)، عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ. حَدَّثَنِي
أَبِي قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ.
٤٢ - (١٧٠٩) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ بْنِ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا عَمِّي، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
وَهْبٍ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ عن بسر ابن
سَعِيدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّة قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ
بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا، أَصْلَحَكَ اللَّهُ،
بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ:
دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
فَبَايَعْنَاهُ. فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى
السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا،
وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا. وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ. قَالَ (إِلَّا
أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا
⦗١٤٧١⦘
عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ برهان).
(بايعنا) المراد بالمبايعة المعاهدة، وهي
مأخوذة من البيع، لأن كل واحد من المتبايعين كان يمد يده إلى صاحبه، وكذا هذه
البيعة تكون بأخذ الكف.
(إلا
أن تروا كفرا بواحا) أي جهارا. من باح بالشيء، يبوح، إذا أعلنه.
(عندكم
من الله فيه برهان) أي حجة تعلمونها من دين الله تعالى. قال النووي: معنى الحديث
لا تنازعوا ولا ة الأمور في ولاي تهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا
محققا تعلمونه من قواعد الإسلام. فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم وقولوا بالحق حيثما
كنتم. وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين.
٩ - باب الإمام جنة يقاتل به من ورائه ويتقى به.
٤٣
- (١٨٤١)
حدثنا إبراهيم عن مسلم. حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ.
حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ. قَالَ (إِنَّمَا
الإِمَامُ جُنَّةٌ. يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ. وَيُتَّقَى بِهِ. فَإِنْ أَمَرَ
بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ. وإن يأمر بغيره،
كان عليه منه).
(حدثنا إبراهيم عن مسلم) هذا الحديث أول
الفوات الثالث الذي لم يسمعه إبراهيم بن سفيان عن مسلم. بل رواه عنه بالإجازة.
ولهذا قال: عن مسلم.
(الإمام
جنة) أي كالستر لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض، ويحمي
بيضة الإسلام ويتقيه الناس ويخافون سطوته. ومعنى يقاتل من ورائه أي يقاتل معه
الكفار والبغاة والخوارج وسائر أهل الفساد وينصر عليهم. ومعنى يتقى به أي شر العدو
وشر أهل الفساد والظلم مطلقا والتاء في يتقى مبدلة من الواو. لأن أصلها من الوقاية.
١٠ - باب وجوب الوفاء ببيعة الْخُلَفَاءِ،
الأَوَلِ فَالأَوَّلِ
٤٤
- (١٨٤٢)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر. حدثنا شعبة
عن فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ. قَالَ:
قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ
سِنِينَ. فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ (كَانَتْ بَنُو
إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ. كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ
نَبِيٌّ. وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. وَسَتَكُونُ خلفاء
⦗١٤٧٢⦘
فتكثر) قالوا: فما تأمرنا؟ قال (فوا
ببيعة الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ. وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ. فَإِنَّ اللَّهَ
سَائِلُهُمْ عما استرعاهم).
(تسوسهم الأنبياء) أي يتولون أمورهم كما تفعل
الأمراء والولاة بالرعية. والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه.
(كلما
هلك نبي خلفه نبي) في هذا الحديث جواز قول: هلك فلان، إذا مات. وقد كثرت الأحاديث
به. وجاء في القرآن العزيز قوله تعالى: ﴿حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده
رسولا
(فوا
ببيعة الأول فالأول) معنى هذا الحديث إذا بويع لخليفة بعد خليفة، فبيعة الأول
صحيحة يجب الوفاء بها. وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ويحرم عليه طلبها.
وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أم جاهلين. وسواء كانا في بلدين أو بلد. أو
أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره.
(١٨٤٢) - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِيهِ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٤٥ - (١٨٤٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
أَبُو الْأَحْوَصِ وَوَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ
خَشْرَمٍ. قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ.
ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّهَا
سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا). قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ (تُؤَدُّونَ
الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ. وتسألون الله الذي لكم).
(ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها) هذا من
معجزات النبوة. وقد وقع الإخبار متكررا، ووجد مخبره متكررا. وفيه الحث على السمع
والطاعة وإن كان المتولي ظالما عسوفا، فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا
يخلع. بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه. والمراد بالأثرة،
هنا، استئثار الأمراء بأموال بيت المال.
٤٦ - (١٨٤٤) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ:
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ:
دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ. وَالنَّاسُ
مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ. فَأَتَيْتُهُمْ. فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: كُنَّا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ. فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا. فَمِنَّا مَنْ
يُصْلِحُ خِبَاءَهُ.
⦗١٤٧٣⦘
وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا
مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ. إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: الصَّلَاةَ
جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى
خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ.
وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا. وَسَيُصِيبُ
آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا. وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضها.
وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي. ثُمَّ
تَنْكَشِفُ. وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ. فَمَنْ
أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ
مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر. وليأت إلى الناس الي
يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ. وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ
يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ. فَإِنْ جَاءَ آخَرُ
يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخر). فدنوت منه فقلت: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! آنْتَ
سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ
بِيَدَيْهِ. وَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي. فَقُلْتُ لَهُ:
هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا
بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ. وَنَقْتُلَ أنفسنا. والله يقول: ﴿يا أيها الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [٤ /النساء / ٢٩]. قَالَ: فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ:
أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ الله.
(ومنا من ينتضل) هو من المناضلة، وهي
المراماة بالنشاب.
(في
جشره) هي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها.
(الصلاة
جامعة) هي بنصب الصلاة، على الإغراء. ونصب جامعة على الحال.
(فيرقق
بعضها بعضا) هذه اللفظة، رويت على أوجه أحدها، وهو الذي نقله القاضي عن جمهور
الرواة، يرقق أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده، فالثاني يجعل الأول
رقيقا. وقيل: معناه يشبه بعضه بعضا. وقيل: يدور بعضها في بعض ويذهب ويجيء. وقيل:
معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها. والثاني: فيرقق. والثالث: فيدقق، أي
يدفع ويصب. والدفق هو الصب.
(وَلْيَأْتِ
إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إليه) هذا من جوامع كلمه ﷺ، وبديع
حكمه، وهذه قاعدة مهمة، فينبغي الاعتناء بها. وإن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع
الناس إلا ما يحب أن يفعلوه معه.
(١٨٤٤) - وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أبو معاوية كِلَاهُمَا عَنْ
الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
٤٧ - (١٨٤٤) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
أَبِي إسحاق الهمذاني. حدثنا عبد الله بن أبي السفرعن عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ الصَّائِدِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ
جَمَاعَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ.
١١ - بَاب الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عِنْدَ
ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَاسْتِئْثَارِهِمْ
٤٨
- (١٨٤٥)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا
محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ؛
أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ
خَلَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ
فُلَانًا؟ فَقَالَ (إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً. فَاصْبِرُوا حَتَّى
تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ).
(١٨٤٥) - وحدثني يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا
خالد (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ
قَتَادَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ؛ أَنَّ
رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَلَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ. بمثله.
٢ م - (١٨٤٥) وحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. وَلَمْ يَقُلْ: خَلَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
١٢ - بَاب فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ
وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ
٤٩
- (١٨٤٦)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا
محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ
الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ
الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ
قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا،
فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ فأعرض عنه. ثم سأله في
اثانية أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ. وَقَالَ
⦗١٤٧٥⦘
(اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا. فَإِنَّمَا
عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وعليكم ما حملتم).
(فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا
وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ) تعليل لقوله: اسمعوا وأطيعوا. أي هم يجب عليهم ما
كلفوا به من إقامة العدل وإعطاء حق الرعية. فإن لم يفعلوا فعليهم الوزر والوبال.
وأما أنتم فعليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق. فإن قمتم بما عليكم
يكافئكم الله سبحانه وتعالى بحسن المثوبة.
٥٠ - (١٨٤٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
شَبَابَةُ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
(اسْمَعُوا وأطيعوا. فإنما عليكم ما حملوا وعليكم ما حملتم).
١٣ - باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند
ظهور الفتن، وفي كل حال. وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة
٥١
- (١٨٤٧)
حدثني محمد بن المثنى. حدثنا أبو الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
الْحَضْرَمِيُّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ:
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ عَنِ الْخَيْرِ. وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ. مَخَافَةَ أَنْ
يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ
وَشَرٍّ. فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ. فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ
شَرٌّ؟ قَالَ (نَعَمْ) فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ
(نَعَمْ. وَفِيهِ دَخَنٌ). قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ (قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ
بِغَيْرِ سُنَّتِي. ويهدون بغير هديي. عرف مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ). فَقُلْتُ: هَلْ
بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ (نَعَمْ. دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ. مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا). فَقُلْتُ: يا رسول
الله! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
⦗١٤٧٦⦘
صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ (نَعَمْ.
قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا. وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ! قَالَ (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ
الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ) فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ
وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا. وَلَوْ أَنْ
تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ. حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ، وأنت على ذلك).
(دعاة على أبواب جهنم) قال العلماء: هؤلاء من
كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي
حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي
من أخذ الأموال، وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية. وفيه معجزات لرسول الله ﷺ،
وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
٥٢ - (١٨٤٧) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ
بْنِ عَسْكَرٍ التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ. ح وحَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدارمي. أخبرنا يحيى (وَهُوَ ابْنُ
حَسَّانَ). حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ (يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ). حَدَّثَنَا زَيْدُ
بْنُ سَلَّامٍ عَنْ أَبِي سَلَّامٍ. قَالَ:
قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ. فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ.
فَنَحْنُ فِيهِ. فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ (نَعَمْ)
قُلْتُ: هَلْ من وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ (نَعَمْ) قُلْتُ: فهل من
وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ (نَعَمْ) قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ (يَكُونُ
بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي.
وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ
إِنْسٍ) قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ أَدْرَكْتُ
ذَلِكَ؟ قَالَ (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ. وَإِنْ ضرب ظهرك. وأخذ مالك.
فاسمع وأطع).
(عن أبي سلام قال: قال حذيفة) قال الدارقطني:
هذا عندي مرسل. لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة. وهو كما قال الدارقطني. لكن المتن
صحيح متصل بالطريق الأول. وإنما أتى مسلم بهذا متابعة، كما ترى. وقد قدمنا أن
الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلا تبينا به صحة المرسل. وجاز الاحتجاج به.
ويصير في المسئلة حديثان صحيحان.
(في
جثمان إنس) أي في جسم بشر.
٥٣ - (١٨٤٨) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ.
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ). حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ
عَنْ أَبِي قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عن النبي ﷺ؛ أنه قَالَ (مَنْ خَرَجَ
مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو
⦗١٤٧٧⦘
إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ
عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ. وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي،
يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا. ولا يتحاش مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي
عَهْدٍ عَهْدَهُ، فليس مني ولست منه).
(ميتة جاهلية) أي على صفة موتهم من حيث هم
فوضى لا إمام لهم.
(عمية)
هي بضم العين وكسرها. لغتان مشهورتان. والميم مكسورة والياء مشددة أيضا. قالوا: هي
الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال إسحاق بن
رهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(لعصبة)
عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب. سموا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم. أي يحيطون به
ويشتد بهم. والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك. لا لنصرة الدين والحق بل لمحض
التعصب لقومه ولهواه. كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض
العصبية.
(فقتلة)
خبر لمبتدأ محذف. أي فقتلته كقتلة أهل الجاهلية.
(ولا
يتحاشى) وفي بعض النسخ: يتحاشى، بالياء. ومعناه لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف
وباله وعقوبته.
(١٨٤٨) - وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ
عَنْ غَيْلَانَ بن جرير، عن زباد بْنِ رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ. قَالَ: قال رسول الله ﷺ بنحو حديث جرير. وقال (لا يتحاشى من مؤمنها).
٥٤ - (١٨٤٨) وحدثني زهير بن حرب. حدثنا عبد الرحمن
بْنُ مَهْدِيٍّ. حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ
جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ (مَنْ خَرَجَ مِنَ
الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ
لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي. وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى
أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا
يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَلَيْسَ مِنِّي).
(١٨٤٨) - وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار.
قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ.
أَمَّا ابْنُ الْمُثَنَّى فَلَمْ
يَذْكُرِ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ. وَأَمَّا ابْنُ بَشَّارٍ فَقَالَ فِي
رِوَايَتِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
٥٥ - (١٨٤٩) حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ.
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ الْجَعْدِ، أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي
رَجَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَرْوِيه. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ (من رَأَى مِنْ
أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَصْبِرْ. فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ
شِبْرًا، فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ).
٥٦ - (١٨٤٩) وحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. حَدَّثَنَا الْجَعْدُ. حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ
الْعُطَارِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ (مَنْ
كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ
مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، فَمَاتَ عَلَيْهِ، إلا مات ميتة
جاهلية).
(فليصبر عليه) أي فليصبر على ذلك المكروه ولا
يخرج عن الطاعة.
(شبرا)
أي قدر شبر. كنى به عن الخروج على السلطان ولو بأدنى نوع من أنواع الخروج. أو بأقل
سبب من أسباب الفرقة.
٥٧ - (١٨٥٠) حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ
أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (مَنْ قُتِلَ تَحْتَ
رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فَقِتْلَةٌ
جَاهِلِيَّةٌ).
٥٨ - (١٨٥١) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَاصِمٌ (وَهُوَ ابْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ) عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ. قَالَ:
جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا
كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ وِسَادَةً. فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ. أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ
حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُهُ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
لَا حُجَّةَ لَهُ. وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مات ميتة جاهلية).
(عبد الله بن مطيع) هو عبد الله بن مطيع بن
الأسود العدوي القرشي. كان ممن خلع يزيد وخرج عليه. وكان يوم الحرة، قائد قريش،
كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار. إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة
المري الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة وأخذهم بالبيعة له. فلما ظفر أهل الشام
بأهل المدينة انهزم عبد الله ولحق بابن الزبير بمكة. وشهد معه الحصر الأول وبقي
معه إلى أن حصر الحجاج ابن الزبير. فقاتل ابن مطيع معه يومئذ وهو يقول:
أنا الذي فررت يوم الحره * والحر لا
يفر إلا مره
يا جبذا الكرة بعد الفره * لأجزين
فرة بكره
(لا
حجة له) أي لا حجة له في فعله، ولا عذر له ينفعه.
(١٨٥١) - وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ،
⦗١٤٧٩⦘
عَنْ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ.
فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَهُ.
٢ م - (١٨٥١) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ
عَلِيٍّ. حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ
جَبَلَةَ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ. قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا هِشَامُ
بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ. بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
١٤ - بَاب حُكْمِ مَنْ فَرَّقَ أَمْرَ
الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُجْتَمِعٌ
٥٩
- (١٨٥٢)
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (قَالَ ابْنُ
نَافِعٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ. وقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ
عَرْفَجَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ. فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ
هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ، كَائِنًا مَنْ كان).
(هنات وهنات) الهنات جمع هنة، وتطلق على كل
شيء. والمراد بها، هنا، الفتن والأمور الحادثة.
(فاضربوه
بالسيف كائنا من كان) فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام، أو أراد تفريق كلمة
المسلمين ونحو ذلك. وينهى عن ذلك. فإن لم ينته قوتل. وإن لم يندفع شره إلا بقتله
فقتل، كان هدرا. فقوله ﷺ: فاضربوه بالسيف، وفي الرواية الأخرى: فاقتلوه، معناه إذا
لم يندفع إلا بذلك.
(١٨٥٢) - وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ.
حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ
زَكَرِيَّاءَ. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن موسى عن شيبان. ح وحَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ
الْخَثْعَمِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ. ح وحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ. حَدَّثَنَا
عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْمُخْتَارِ وَرَجُلٌ سماه. كلهم عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ
عَرْفَجَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ
جَمِيعًا (فاقتلوه).
٦٠ - (١٨٥٢) وحَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَرْفَجَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(مَنْ أَتَاكُمْ، وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ، عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ
يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يفرق جماعتكم، فاقتلوه).
(وأمركم جميع) أي مجتمع.
(أن
يشق عصاكم) معناه يفرق جماعتكم كما تفرق العصا المشقوقة. وهو عبارة عن اختلاف
الكلمة وتنافر النفوس.
١٥ - بَاب إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ
٦١
- (١٨٥٣)
وحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِذَا
بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخر منهما).
١٦ - بَاب وُجُوبِ الْإِنْكَارِ عَلَى
الْأُمَرَاءِ فِيمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ مَا صَلَّوْا،
وَنَحْوِ ذَلِكَ
٦٢
- (١٨٥٤)
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ بْنُ يَحْيَي.
حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ؛
أَنّ رسول الله ﷺ قال (سَتَكُونُ
أُمَرَاءُ. فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ. فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ. ومن نكر سَلِمَ.
وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ) قَالُوا: أَفَلَا نقاتلهم؟ قال (لا. ما صلوا).
(ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون) هذا الحديث
فيه معجزة ظاهرة بالإخبار بالمستقبل. ووقع ذلك كما أخبر ﷺ. وأما قوله ﷺ: فمن عرف
برئ، وفي الروايو التي بعدها: فمن كره فقد برئ. فأما رواية من روى: فمن كره فقد
برئ فظاهرة. ومعناها من كره ذلك المنكر فقد برئ عن إثمه وعقوبته. وهذا في حق من لا
يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه ويبرأ. وأما من روى: فمن عرف برئ،
فمعناها، والله أعلم، فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة
من إثمه وعقوبته. بأن يغيره بيده أو بلسانه، فإن عجز فليكرهه بقلبه. وقوله: ولكن
من رضى وتابع، معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع. وفيه دليل على أن من
عجز عن إزالة المنكر، لا يأثم بمجرد السكوت. بل إنما يأثم بالرضا به أو بأن لا
يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه. وأما قوله: ألا نقاتلهم قال: لا ما صلوا. ففيه
معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق، ما لم يغيروا
شيئا من قواعد الإسلام.
٦٣ - (١٨٥٤) وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ
الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. جميعا عَنْ مُعَاذٍ (وَاللَّفْظُ
لِأَبِي غَسَّانَ). حَدَّثَنَا مُعَاذٌ (وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ،
الدَّسْتَوَائِيُّ). حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ
ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
(إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ. فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ. فَمَنْ
كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ. وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ. وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ
وَتَابَعَ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ (لَا. مَا
صَلَّوْا) (أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ).
٦٤ - (١٨٥٤) وحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ
الْعَتَكِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). حَدَّثَنَا
الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ وَهِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ،
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بِنَحْوِ ذَلِكَ. غَيْرَ
أَنَّهُ قَالَ (فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ. وَمَنْ كَرِهَ فقد سلم).
(١٨٥٤) - وحَدَّثَنَاه حَسَنُ بْنُ
الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ
الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَتْ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فذكر مِثْلَهُ. إِلَّا قَوْلَهُ (وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ
وَتَابَعَ) لم يذكره.
١٧ - بَاب خِيَارِ الْأَئِمَّةِ
وَشِرَارِهِمْ
٦٥
- (١٨٥٥)
حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ
يُونُسَ. حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ،
عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ
مَالِكٍ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ
(خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ. وَيُصَلُّونَ
عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ. وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ
تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) قِيلَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ (لَا. مَا
أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ. وإذا رأيتم من ولا تكم شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ،
فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا من طاعة).
٦٦ - (١٨٥٥) حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ.
حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ (يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ يَزِيدَ بن جابر. أخبرني مولى بني فزازة (وهو زريق بْنُ حَيَّانَ)؛ أَنَّهُ
سَمِعَ مُسْلِمَ بْنَ قَرَظَةَ، ابْنَ عَمِّ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول
(خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ. وَتُصَلُّونَ
عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ. وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ
تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ. وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) قَالُوا
قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ (لَا.
مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ. لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ. أَلَا
مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ،
فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ
طَاعَةٍ).
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَقُلْتُ
(يَعْنِي لزريق)، حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: آللَّهِ! يَا أَبَا
الْمِقْدَامِ! لَحَدَّثَكَ بِهَذَا، أَوْ سَمِعْتَ هَذَا، مِنْ مُسْلِمِ بْنِ
قَرَظَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفًا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ:
فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: إِي. وَاللَّهِ
الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ! لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ
يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
(فجثا على ركبتيه) يقال: جثا على ركبتيه يجثو
وجثى يجثى. جثوا وجثيا فيها. وأجثاه غيره، وتجاثوا على الركب، وهم جثى وجثى. أي
جلس عليهما.
(١٨٥٥) - وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ مُوسَى
الأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وقال: رزيق مولى بني فزازة.
قال مسلم: ورواه معاوية بن صلح عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بمثله.
١٨ - باب استجباب مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ
الْجَيْشَ عِنْدَ إِرَادَةِ الْقِتَالِ. وَبَيَانِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ
٦٧
- (١٨٥٦)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ألفا
وأربعمائة. فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَهِيَ
سمرة.
وقال: وبايعناه عَلَى أَنْ لَا
نَفِرَّ. وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الموت.
(ألفا وأربعمائة) وفي رواية: ألفا وخمسمائة،
وفي رواية ألفا وثلاثمائة. وقد ذكر البخاري ومسلم هذه الروايات الثلاث في صحيحهما.
وأكثر روايتهما. ألف وأربعمائة.
(سمرة)
واحدة السمر، كرجل، شجر الطلح.
(بَايَعْنَاهُ
عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ على الموت) وفي رواية سلمة: أنهم
بايعوه يومئذ على الموت وهو معنى رواية عبد الله بن زيد بن عاصم. وفي رواية مجاشع
بن مسعود: البيعة على الهجرة، والبيعة على الإسلام والجهاد. وفي حديث ابن عمر
وعبادة: بايعنا على السمع والطاعة وأن لا ننازع الأمر أهله. وفي رواية ابن عمر، في
غير صحيح مسلم: البيعة على الصبر. قال العلماء: هذه الرواية تجمع المعاني كلها
وتبين مقصود كل الروايات. فالبيعة على أن لا نفر معناه الصبر حتى نظفر بعدونا أو
نقتل. وهو معنى البيعة على الموت. أي نصبر وإن آل بنا ذلك إلى الموت. لا أن الموت
مقصود في نفسه وكذا البيعة على الجهاد، أي والصبر فيه، والله أعلم.
٦٨ - (١٨٥٦) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
ابْنُ عُيَيْنَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
لَمْ نُبَايِعْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
عَلَى الْمَوْتِ. إِنَّمَا بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نفر.
٦٩ - (١٨٥٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ.
سَمِعَ جَابِرًا يَسْأَلُ: كَمْ
كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً.
فَبَايَعْنَاهُ. وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَهِيَ سَمُرَةٌ.
فَبَايَعْنَاهُ. غَيْرَ جَدِّ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ. اخْتَبَأَ تَحْتَ
بَطْنِ بَعِيرِهِ.
٧٠ - (١٨٥٦) وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ
دِينَارٍ. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، مَوْلَى سُلَيْمَانَ
بْنِ مُجَالِدٍ. قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛
أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَسْأَلُ:
هَلْ بَايَعَ النَّبِيُّ ﷺ بِذِي الْحُلَيْفَةِ؟ فَقَالَ: لَا. وَلَكِنْ صَلَّى
بِهَا. وَلَمْ يُبَايِعْ عِنْدَ شَجَرَةٍ، إِلَّا الشَّجَرَةَ الَّتِي
بِالْحُدَيْبِيَةِ.
⦗١٤٨٤⦘
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي
أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَعَا
النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ.
٧١ - (١٨٥٦) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو
الْأَشْعَثِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ
بْنُ عَبْدَةَ (وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ) (قَالَ سَعِيدٌ وَإِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا.
وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة.
فقال النَّبِيُّ ﷺ (أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ).
وقَالَ جَابِرٌ: لَوْ كُنْتُ
أُبْصِرُ لَأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ.
٧٢ - (١٨٥٦) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار.
قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ
أَبِي الْجَعْدِ. قَالَ:
سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ ألف لكفانا.
كنا ألفا وخمسمائة؟
(لو كنا مائة ألف لكفانا) هذا مختصر من
الحديث الصحيح في بئر الحديبية. ومعناه أن الصحابة لما وصلوا الحديبية وجدوا بئرها
إنما تنز مثل الشراك. فبصق النبي ﷺ فيها ودعا بالبركة، فجاشت. فهي إحدى المعجزات
لرسول الله ﷺ. فكأن السائل في هذا الحديث علم أصل الحديث والمعجزة في تكثير الماء
وغير ذلك مما جرى فيها ولم يعلم عددهم. فقال جابر: كنا ألفا وخمسمائة، ولو كنا
مائة ألف أو أكثر لكفانا. وقوله في الرواية التي قبل هذه: دعا على بئر الحديبية،
أي دعا فيها بالبركة.
٧٣ - (١٨٥٦) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ. ح
وحَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الْهَيْثَمِ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي
الطَّحَّانَ). كِلَاهُمَا يَقُولُ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي
الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ. قَالَ:
لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ
لَكَفَانَا. كُنَّا خَمْسَ عشرة مائة.
٧٤ - (١٨٥٦) وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ
عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنْ الْأَعْمَشِ. حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي
الْجَعْدِ. قَالَ:
قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ
يَوْمَئِذٍ؟ قال: ألفا وأربعمائة.
٧٥ - (١٨٥٧) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو (يَعْنِي ابْنَ
مُرَّةَ). حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ:
كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة.
وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ.
(١٨٥٧) - وحدثنا ابن المثنى. حدثنا أبو داود.
ح وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ.
جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مثله.
٧٦ - (١٨٥٨) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ. قَالَ:
لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ
الشَّجَرَةِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ يُبَايِعُ النَّاسَ، وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ
أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: لَمْ
نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ. وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ.
(١٨٥٨) - وحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
٧٧ - (١٨٥٩) وحَدَّثَنَاه حَامِدُ بْنُ عُمَرَ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ:
كَانَ أَبِي مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ تحت الشَّجَرَةِ. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فِي قَابِلٍ حَاجِّينَ.
فَخَفِيَ عَلَيْنَا مَكَانُهَا. فَإِنْ كَانَتْ تَبَيَّنَتْ لَكُمْ فَأَنْتُمْ
أعلم.
(في قابل) صفة لمحذوف. والتقدير في عام قابل،
أي قادم.
(فخفي
علينا مكانها) قال العلماء: سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها، لما جرى تحتها من
الخير، ونزول الرضوان والسكينة، وغير ذلك. فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم
الأعراب والجهال إياها؛ وعبادتهم لها. فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى.
٧٨ - (١٨٥٩) وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ. قَالَ: وَقَرَأْتُهُ عَلَى نَصْرِ بْنِ
عَلِيٍّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ،
أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ عَامَ الشَّجَرَةِ. قَالَ: فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
٧٩ - (١٨٥٩) وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ
وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ:
لقد أتيت الشَّجَرَةَ. ثُمَّ
أَتَيْتُهَا بَعْدُ. فَلَمْ أَعْرِفْهَا.
٨٠ - (١٨٦٠) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابن إسماعيل) عن يزيد بن أبي عبيد، مَوْلَى سَلَمَةَ
بْنِ الْأَكْوَعِ. قَالَ:
قُلْتُ لِسَلَمَةَ: عَلَى أَيِّ
شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الموت.
(١٨٦٠) - وحَدَّثَنَاه إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ
سَلَمَةَ. بِمِثْلِهِ.
٨١ - (١٨٦١) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيُّ. حَدَّثَنَا وهيب. حدثنا عمرو ابن
يَحْيَي عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ:
أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: هذاك ابْنُ
حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ. فَقَالَ: عَلَى مَاذَا! عَلَى الْمَوْتِ. قَالَ:
لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
١٩ - بَاب تَحْرِيمِ رُجُوعِ الْمُهَاجِرِ
إِلَى اسْتِيطَانِ وَطَنِهِ
٨٢
- (١٨٦٢)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابن إسماعيل) عن
يزيد بن أبي عبيد، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ؛
أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ
فَقَالَ: يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ! ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ؟ تَعَرَّبْتَ؟
قَالَ: لَا. وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَذِنَ لِي فِي البدو.
(ارتددت على عقبيك. تعربت) قال القاضي عياض:
أجمعت الأمة على تحريم ترك المهاجر وهجرته ورجوعه إلى وطنه. وعلى أن ارتداد
المهاجر أعرابيا من الكبائر. ولهذا أشار الحجاج. إلى أن أعلمه سلمة أن خروجه إلى
البادية إنما هو بإذن النبي ﷺ قال: ولعله رجع إلى غير وطنه. أو لأن الغرض في
ملازمة المهاجر أرضه التي هاجر إليها فرض ذلك عليه إنما كان في زمن النبي ﷺ
لنصرته، أو ليكون معه، أو لأن ذلك إنما كان قبل فتح مكة. فلما كان الفتح وأظهر
الله تعالى الإسلام على الدين كله، وأذل الكفر وأعز المسلمين - سقط فرض الهجرة.
قال النبي ﷺ: لا هجرة بعد الفتح. وقال: مضت الهجرة لأهلها، أي الذين هاجروا من
ديارهم وأموالهم قبل فتح مكة لمواساة النبي ﷺ وموازرته ونصرة دينه وضبط شريعته.
(أذن
لي في البدو) أي في الخروج إلى البادية.
٢٠ - بَاب الْمُبَايَعَةِ بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ. وَبَيَانِ مَعْنَى (لَا
هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)
٨٣
- (١٨٦٣)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَبُو جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل
بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَل، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ.
حَدَّثَنِي مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ. قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ أُبَايِعُهُ
عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ (إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ مَضَتْ لِأَهْلِهَا. وَلَكِنْ
عَلَى الْإِسْلَامِ والجهاد والخير).
(إن الهجرة قد مضت لأهلها) معناه أن الهجرة
الممدوحة الفاضلة، التي لأصحابها المزية الظاهرة، إنما كانت قبل الفتح، فقد مضت
لأهلها. أي حصلت لمن وفق لها قبل الفتح.
٨٤ - (١٨٦٣) وحَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. قَالَ:
أَخْبَرَنِي مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ السُّلَمِيُّ. قَالَ:
جِئْتُ بأخي إلى معبد رسول الله ﷺ
بعد الْفَتْحِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَايِعْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ.
قَالَ (قَدْ مَضَتِ الْهِجْرَةُ بِأَهْلِهَا) قُلْتُ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ
تُبَايِعُهُ؟ قَالَ (عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ).
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: فَلَقِيتُ
أَبَا مَعْبَدٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ مُجَاشِعٍ. فَقَالَ: صَدَقَ.
(١٨٦٣) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ: فَلَقِيتُ
أَخَاهُ. فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَلَمْ يَذْكُرْ: أَبَا مَعْبَدٍ.
٨٥ - (١٣٥٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَا: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، عَنْ طاوس، عن ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يوم
الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ (لَا هِجْرَةَ. وَلَكِنْ جِهَادٌ ونية. وإذا استنفرتم
فانفروا).
(لا هجرة) وفي الرواية الأخرى: لا هجرو بعد
الفتح. قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية
إلى يوم القيامة. وتأولوا هذا الحديث تأولين: أحدهما لا هجرة، بعد الفتح، من مكة،
لأنها صارت دار إسلام، فلا تتصور منها الهجرة. والثاني، وهو الأصح، أن معناه إن
الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة التي يمتاز بها أهلها امتيازا ظاهرا انقطعت بفتح
مكة، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة. لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزا
ظاهرا، بخلاف ما قبله.
(ولكن
جهاد ونية) معناه أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة، ولكن حصلوه
بالجهاد والنية الصالحة. وفي هذا، الحث على نية الخير مطلقا، وإنه يثاب على النية.
(وإذا
استنفرتم فانفروا) معناه إذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخروا. وهذا دليل
على أن الجهاد ليس فرض عين، بل فرض كفاية. إذا فعله من تحصل بهم الكفاية سقط الحرض
عن الباقين. وإن تركوه كلهم أثموا كلهم.
(١٣٥٣) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو
كُرَيْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ رَافِعٍ عَنْ يَحْيَي بْنِ آدَمَ. حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ
(يَعْنِي ابْنَ مُهَلْهِلٍ). ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ. كُلُّهُمْ عَنْ مَنْصُورٍ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٨٦ - (١٨٦٤) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ
بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ
الْهِجْرَةِ؟ فَقَالَ (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. وَلَكِنْ جِهَادٌ
وَنِيَّةٌ. وَإِذَا استنفرتم فانفروا).
٨٧ - (١٨٦٥) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ. حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ
الزُّهْرِيِّ. حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ؛ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛
أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ عن الْهِجْرَةِ؟ فَقَالَ (وَيْحَكَ! إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ
لَشَدِيدٌ. فهل مِنْ إِبِلٍ) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ (فَهَلْ تُؤْتِي صَدَقَتَهَا؟)
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ (فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ. فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ
يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شيئا).
(إن شأن الهجرة لشديد ..) قال العلماء:
المراد بالبحار، هنا، القرى. والعرب تسمي القرى البحار، والقرية البحيرة. قال
العلماء: المراد بالهجرة التي سأل عنها هذا الأعرابي ملازمة المدينة مع النبي ﷺ،
وترك أهله ووطنه. فخاف عليه النَّبِيُّ ﷺ أَنْ لَا يقوى لها ولا يقوم بحقوقها، وأن
ينكص على عقبيه. فقال له: إن شأن الهجرة، التي سألت عنها، لشديد، ولكن اعمل بالخير
في وطنك وحيثما كنت، فهو ينفعك ولا ينقصك الله منه شيئا. يقال: وتره يتره ترة، إذا
نقصه.
(١٨٦٥) - وحدثناه عبد الله بن عبد الرحمن
الدرامي. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ (إِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ
عَمَلِكَ شَيْئًا) وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ (فَهَلْ تَحْلُبُهَا يَوْمَ
وِرْدِهَا؟) قَالَ: نعم.
٢١ - بَاب كَيْفِيَّةِ بَيْعَةِ
النِّسَاءِ
٨٨
- (١٨٦٦)
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ. أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ:
أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزبير؛ أن عائشة زوج النبي ﷺ قَالَتْ:
كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ، إِذَا
هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ الله عز وجل:
﴿يا
أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعتك عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا
وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ﴾ [٦٠ /الممتحنة /١٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ
بِهَذَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ.
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا
أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ، قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
(انْطَلِقْنَ. فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ) وَلَا. وَاللَّهِ! مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ. غَيْرَ أَنَّهُ يبايعهن بالكلام.
قالت عاشة: وَاللَّهِ! مَا أَخَذَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ، إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ
تَعَالَى. وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ. وَكَانَ
يَقُولُ لَهُنَّ، إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ (قد بايعتكن)، كلاما.
(يمتحن) أي يبايعن.
(فقد
أقر بالمحنة) معناه فقد بايع البيعة الشرعية.
٨٩ - (١٨٦٦) وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ
الأَيْلِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ
هَارُونُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ). حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ
عُرْوَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ عَنْ بَيْعَةِ النِّسَاءِ. قَالَتْ:
مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بِيَدِهِ امْرَأَةً قَطُّ. إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا. فَإِذَا أَخَذَ
عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ، قال (اذهبي فقد بايعتك).
(مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ امرأة
قط. إلا أن) هذا الاستثناء منقطع. وتقدير الكلام ما مس امرأة قط، لكن يأخذ عليها
البيعة بالكلام، فإذا أخذها بالكلام قال: اذهبي فقد بايعتك. وهذا التقدير مصرح به
في الرواية الأولى. ولا بد منه.
٢٢ - بَاب الْبَيْعَةِ عَلَى السَّمْعِ
وَالطَّاعَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ
٩٠
- (١٨٦٧)
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجز (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَيُّوبَ) قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ). أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ. يَقُولُ لَنَا (فِيمَا استطعت).
٢٣ - بَاب بَيَانِ سِنِّ الْبُلُوغِ
٩١
- (١٨٦٨)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر. قَال:
عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ
أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ. وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَلَمْ
يُجِزْنِي. وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً. فَأَجَازَنِي.
قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ. فَحَدَّثْتُهُ هَذَا
الْحَدِيثَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.
فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً. وَمَنْ كَانَ دُونَ ذلك فاجعلوه في العيال.
(فأجازني) المراد جعله رجلا حكم الرجال
المقاتلين.
(أن
يفرضوا) أي أن يقدروا لهم رزقا في ديوان الجند وكانوا يفرقون بين المقاتلة وغيرهم
في العطاء، وهو الرزق الذي يجمع في بيت المال ويفرق على مستحقيه.
(١٨٦٨) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يَعْنِي
الثَّقَفِيَّ) جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ
أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ: وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَاسْتَصْغَرَنِي.
٢٤ - بَاب النَّهْيِ أَنْ يُسَافَرَ
بِالْمُصْحَفِ إِلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ إِذَا خِيفَ وُقُوعُهُ بِأَيْدِيهِمْ.
٩٢
- (١٨٦٩)
حَدَّثَنَا يَحْيَي بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ
يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ.
٩٣ - (١٨٦٩) وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ. حَدَّثَنَا
لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ ومح. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ
كَانَ يَنْهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. مَخَافَةَ
أَنْ يَنَالَهُ العدو.
٩٤ - وحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ
الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالَا: حدثنا حماد عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر.
قال:
قال رسول الله ﷺ (لَا تُسَافِرُوا
بِالْقُرْآنِ. فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ).
قَالَ أَيُّوبُ: فَقَدْ نَالَهُ
الْعَدُوُّ وَخَاصَمُوكُمْ بِهِ.
(١٨٦٩) - حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ). ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَالثَّقَفِيُّ. كُلُّهُمْ عَنْ أَيُّوبَ. ح وحدثنا
ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ
(يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ). جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ.
فِي حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ
وَالثَّقَفِيِّ (فَإِنِّي أَخَافُ). وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَحَدِيثِ
الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ (مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ).
٢٥ - بَاب الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ
الْخَيْلِ وَتَضْمِيرِهَا.
٩٥
- (١٨٧٠)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. قَالَ: قَرَأْتُ على مالك عن
نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول اللَّهِ ﷺ سَابَقَ
بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ. وَكَانَ أَمَدُهَا ثنية
الوادع. وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ، مِنَ الثَّنِيَّةِ
إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. وَكَانَ ابْنُ عمر فيمن سابق بها.
(أضمرت) يقال أضمرت وضمرت وهو أن يقلل علفها
مدة وتدخل بيتا كنينا وتجلل فيه لتعرق ويجف عرقها، فيجف لحمها وتقوى على الجري.
(من
الحفياء) قال سفيان بن عيينة: بين ثنية الوداع والحفياء خمسة أميال أو ستة. وقال
موسى بن عقبة: ستة أو سبعة.
(ثنية
الوداع) هي عند المدينة. سميت بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون
إليها، والمعنى أن مبدأ السباق كان من الحيفاه ومنتهاه ثنية الوداع.
(١٨٧٠) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح
وحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ. قَالُوا:
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ
بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ. ح وحَدَّثَنَا ابن نمير.
وحدثنا أبي. ح وحدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَا:
حَدَّثَنَا يَحْيَي (وَهُوَ الْقَطَّانُ). جميعا عَنْ عبيد الله. ح وحدثني علي بن
أبي حُجْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق. أخبرنا ابن جريح. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنِ
عُقْبَةَ. ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. أخبرني
أُسَامَةُ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ. بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ،
مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فجئت سابقا.
فطفف بي الفرس المسجد.
(وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أيوب عن نافع عن ابن عمر) هكذا هو في جميع النسخ.
قال: أبو علي الغساني: وذكره أبو مسعود الدمشقي عن مسلم عن زهير بن حرب عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابن نافع عن نافع عن ابن عمر.
فزاد: ابن نافع. قال: والذي قاله أبو مسعود محفوظ عن جماعة من أصحاب ابن علية. قال
الدارقطني في كتاب العلل، في هذا الحديث: يرويه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني
وداود عن ابن علية عن أيوب عن ابن نافع، عن نافع عن ابن عمر. وهذا شاهد لما ذكره
أبو مسعود. ورواه جماعة عن زهير عن ابن علية عن أيوب عن نافع، كلما رواه مسلم. من
غير ذكر. ابن نافع.
(فطفف)
أي علا ووثب إلى المسجد وكان جداره قصيرا. وهذا يعد مجاوزته الغاية، لأن الغاية هي
هذا المسجد وهو مسجد بني زريق.
٢٦ - باب الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي
نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القيامة
٩٦
- (١٨٧١)
حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛
إن رسول الله ﷺ قَالَ (الْخَيْلُ فِي
نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القيامة).
(الخيل معقود في نواصيها الخير) وفي رواية:
الخير معقوص بنواصي الخيل. وفي رواية: البركة في نواصي الخيل. المعقود والمعقوص
بمعنى. ومعناه ملوي مضفور فيها. والمراد بالناصية، هنا، الشعر المسترسل على
الجبهة. قاله الخطابي وغيره. قالوا: وكنى بالناصية عن جميع ذات الفرس. يقال: فلان
مبارك الناصية ومبارك الغرة، أي الذات. وفي هذه الأحاديث استحباب رباط الخيل
واقتنائها للغزو وقتال أعداء الله. وأن فضلها وخيرها والجهاد باق إلى يوم القيامة.
(وحدثنا قتيبة وابن رمح عن الليث بن
سعد. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر وعبد الله بن نمير. ح
وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد. حدثنا يحيى. كلهم عن
عبيد الله. ح وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. حدثني أسامة. كلهم عن
نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ. بمثل حديث مالك عن نافع.
٩٧ - (١٨٧٢) وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ
الْجَهْضَمِيُّ وَصَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ. جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ.
قَالَ الْجَهْضَمِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ
عُبَيْدٍ. عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ
جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَلْوِي
نَاصِيَةَ فَرَسٍ بِإِصْبَعِهِ، وَهُوَ يَقُولُ (الْخَيْلُ مَعْقُودٌ
بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ).
(١٨٧٢) - وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل
بن إِبْرَاهِيمَ. ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ. كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
٩٨ - (١٨٧٣) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ،
عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (الْخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: الْأَجْرُ
وَالْمَغْنَمُ).
٩٩ - (١٨٧٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
ابْنُ فُضَيْلٍ وَابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (الْخَيْرُ
مَعْقُوصٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ) قَالَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِمَ
ذَاكَ؟ قَالَ (الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يوم القيامة).
(١٨٧٣) - وحدثناه إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا
جرير عن حُصَيْنٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عُرْوَةُ بن الجعد.
⦗١٤٩٤⦘
م ٢ - (١٨٧٣) حَدَّثَنَا يَحْيَى
بْنُ يَحْيَى وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. جَمِيعًا
عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ. جَمِيعًا عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ
عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَلَمْ يَذْكُرِ (الْأَجْرَ
وَالْمَغْنَمَ). وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ: سَمِعَ عُرْوَةَ الْبَارِقِيَّ. سَمِعَ
النَّبِيَّ ﷺ.
م ٣ - (١٨٧٣) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار. قالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ، عَنْ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ، عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا. وَلَمْ يَذْكُرِ (الْأَجْرَ والمغنم).
١٠٠ - (١٨٧٤) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثنا محمد ابن الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ.
قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي
التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
(الْبَرَكَةُ فِي نواصي الخيل).
(١٨٧٤) - وحدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ.
حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْوَلِيدِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ. سَمِعَ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بمثله.
٢٧ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ صِفَاتِ
الْخَيْلِ
١٠١
- (١٨٧٥)
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وزهير ابن حَرْبٍ
وَأَبُو كُرَيْبٍ (قَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا. وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا
وَكِيعٌ) عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي
زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْرَهُ
الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ.
(الشكال) فسره في الرواية الثانية بأن يكون
فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى، أو يده اليمنى ورجله
اليسرى. وهذا تفسير هو أحد الأقوال في الشكال. وقال أبو عبيد وجمهور أهل اللغة
والغريب: هو أن يكون منه ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة. تشبيها بالشكال الذي تشكل
به الخيل. فإنه يكون في ثلاث قوائم غالبا. قال أبو عبيد: وقد يكون الشكال ثلاث
قوائم مطلقة وواحدة محجلة. قال: ولا تكون المطلقة من الأرجل أو المحجلة إلا الرجل.
وقال ابن دريد: الشكال أن يكون محجلا من شق واحد في يده ورجله. فإن كان مخالفا قيل
الشكال مخالف. قال القاضي: قال أبو عمرو المطرز: قيل الشكال بياض الرجل اليمنى
واليد اليمنى. وقيل بياض الرجل اليسرى واليد اليسرى. وقيل بياض اليدين. وقيل بياض
الرجلين. وقيل بياض الرجلين ويد واحدة. وقال العلماء: إنما كرهه لأنه على صورة
الشكول. وقيل يحتمل أن يكون قد جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة. قال بعض العلماء:
إذا كان، مع ذلك، أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال.
١٠٢ - (١٨٧٥) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ.
حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَزَادَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: وَالشِّكَالُ أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ فِي
رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى. أَوْ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى
وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى.
(١٨٧٥) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). ح وحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. جَمِيعًا عَنْ
شُعْبَةَ، عن عبد الله بن يزيد المخعي، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ. وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ: عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ابن يَزِيدَ. وَلَمْ يَذْكُرْ النَّخَعِيَّ.
٢٨ - بَاب فَضْلِ الْجِهَادِ وَالْخُرُوجِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ
١٠٣
- (١٨٧٦)
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ (وَهُوَ
ابْنُ الْقَعْقَاعِ) عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ (تَضَمَّنَ اللَّهُ
لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي،
وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي. فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ
الْجَنَّةَ. أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ. نَائِلًا
مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ!
⦗١٤٩٦⦘
مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ،
لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ!
لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ
تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا. وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سعة فأحلهم. وَلَا
يَجِدُونَ سَعَةً. وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عني. والذي نفس محمد
بيده! لوددت أن أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ. ثُمَّ أَغْزُو فأقتل. ثم
أغزو فأقتل).
(تضمن الله) وفي الرواية الأخرى: تكفل الله.
ومعناهما أوجب الله تعالى له الجنة بفضله وكرمه، سبحانه وتعالى.
وهذا الضمان والكفالة موافق لقوله
تعالى: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ..﴾ الآية.
(إلا
جهادا في سبيلي) هكذا هو في جميع النسخ: جهادا، بالنصب. وكذا قال بعده: وإيمانا
بي، وتصديقا. وهو منصوب على أن لا مفعول له. وتقديره: لا يخرجه المخرج ويحركه
المحرك إلا للجهاد والإيمان والتصديق. ومعناه: لا يخرجه إلا محض الإيمان والإخلاص
لله تعالى.
(نائلا
ما نال من أجر) قالوا: معناه ما حصل له من الأجر بلا غنيمة، إن لم يغنموا. أو من
الأجر والغنيمة معا، إن غنموا. وقيل: إن أو هنا بمعنى الواو، أي من أجر أو غنيمة.
ومعنى الحديث أن الله تعالى ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرا بكل حال. فإما أن
يستشهد فيدخل الجنة، وإما أن يرجع بأجر، وإما أن يرجع بأجر وغنيمة.
(ما
من كلم يكلم في سبيل الله) أما الكلم فهو الجرح. ويكلم أي يجرح. والحكمة في مجيئه
يوم القيامة على هيئته، أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى.
(خلاف
سرية) أي خلفها وبعدها.
(لا
أجد سعة فأحملهم) أي ليس لي من سعة الرزق ما أجد به لهم دواب فأحملهم عليها.
(ولا
يجدون سعة) فيه حذف يدل عليه ما ذكر قبله. أي ولا يجدون سعة يجدون بها من الدواب
ما يحملهم ليتبعوني ويكونوا معي.
(ويشق
عليهم أن يتخلفوا عني) أي ويوقعهم تأخرهم عني في المشقة، يعني يصعب عليهم ذلك.
(١٨٧٦) - وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ
عُمَارَةَ، بهذا الإسناد.
١٠٤ - (١٨٧٦) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا المغيرة
بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرج، عن أبي
هريرة،
عن النبي ﷺ. قَالَ (تَكَفَّلَ
اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ. لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا
جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ. بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ. مَعَ مَا نَالَ مِنْ
أَجْرٍ أو غنيمة).
(وتصديق كلمته) أي كلمة الشهادتين. وقيل:
تصديق كلام الله تعالى في الإخبار بما للمجاهد من عظيم ثوابه.
١٠٥ - (١٨٧٦) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ
وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حدثنا سفيان ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قال (لا يكلم أحد في
سبيسل اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللَّوْنُ لون دم والريح ريح مسك).
(يثعب) أي يجري متفجرا، أي كثيرا. وهو بمعنى
الرواية الأخرى: يتفجر.
١٠٦ - (١٨٧٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كُلُّ
كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ الله. ثم تكون يوم القيامة كهيئتها إذ
طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا. اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (والذي نفس محمد بيده! لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ. وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً
فَيَتَّبِعُونِي. وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِي).
(كهيئتها) الضمير في هيئتها، يعود على
الجراحة.
(العرف
عرف المسك) العرف هو الريح. أصل العرف الرائحة مطلقا. وأكثر استعماله في الرائحة
الطيبة.
(١٨٧٦) - وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن
أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ)
بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ. وَبِهَذَا الإسناد (والذي نفسي بيده! لوددت أن أُقْتَلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ أُحْيَى) بِمِثْلِ حديث أبي زرعة عن أبي هريرة.
٢ م - (١٨٧٦) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ (يعني الثففي). ح وحدثنا أبو بكر
بن أبي شيبة. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ.
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي هريرة. قال:
قال رسول الله ﷺ (لَوْلَا أَنْ
أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَتَخَلَّفَ خَلْفَ سَرِيَّةٍ) نحو
حديثهم.
١٠٧ - (١٨٧٦) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (تَضَمَّنَ اللَّهُ
لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (مَا تَخَلَّفْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ
تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى).
٢٩ - بَاب فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى
١٠٨
- (١٨٧٧)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ
قَتَادَةَ؛ وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ (مَا مِنْ
نَفْسٍ تَمُوتُ. لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ. يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى
الدُّنْيَا. وَلَا أَنَّ لَهَا الدنيا وما فيها. إلا الشهيد. فإن يَتَمَنَّى أَنْ
يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا. لِمَا يرى من فضل الشهادة).
(وحميد عن أنس) قال أبو علي الغساني: ظاهر
هذا الإسناد أن شعبة يرويه عن قتادة وحميد جميعا عن أنس. قال وصوابه أن أبا خالد
يرويه عن حميد عن أنس. ويرويه أبو خالد أيضا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ
أَنَسٍ. قَالَ: وهكذا قاله عبد الغني بن سعيد. قال القاضي: فيكون حميد معطوفا على
شعبة. لا على قتادة.
١٠٩ - (١٨٧٧) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار.
قالا: حدثنا محمد ابن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ. قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ (مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ. يُحِبُّ
أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ.
غير الشهيد. فإنه يتمنى أن يرجع فيقل عَشْرَ مَرَّاتٍ. لِمَا يَرَى مِنَ
الْكَرَامَةِ).
١١٠ - (١٨٧٨) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي
صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة. قال:
قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا يَعْدِلُ
الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل؟ قال (لا تستطيعوه) قَالَ: فَأَعَادُوا
عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ (لَا
تَسْتَطِيعُونَهُ). وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ (مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ. لَا يَفْتُرُ
مِنْ صيام وصلاة. حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى).
(لا تستطيعوه) كذا هو في معظم النسخ: لا
تستطيعوه. وفي بعضها: لا تستطيعونه، بالنون. وهذ جار على اللغة المشهورة. والأول
صحيح أيضا، وهي لغة فصيحة، حذف النون من غير ناصب ولا جازم، وقد سبق بيانها
ونظائرها مرات.
(القانت)
معنى القانت، هنا، المطيع.
(١٨٧٨) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية. كلهم عن
سهيل، بهذ الإسناد، نحوه.
١١١ - (١٨٧٩) حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ
الْحُلْوَانِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ
سَلَّامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ
الْإِسْلَامِ. إِلَّا أَنْ أُسْقِيَ الْحَاجَّ. وَقَالَ آخَرُ: مَا أُبَالِي أَنْ
لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ. إِلَّا أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ. وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا
قُلْتُمْ. فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ وَقَالَ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ
مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ. وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ
الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ. فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عز وجل: ﴿أَجَعَلْتُمْ
سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [٩ /التوبة /١٩] الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا.
(١٨٧٩) - وحدثنيه عبد الله بن عبد الرحمن
الدرامي. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ حَسَّانَ. حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ. أَخْبَرَنِي
زَيْدٌ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي النعمان ابن بَشِيرٍ.
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي توبة.
٣٠ - بَاب فَضْلِ الْغَدْوَةِ
وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
١١٢
- (١٨٨٠)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ
بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (لَغَدْوَةٌ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها).
(لغدوة) الغدوة السير أول النهار إلى الزوال.
والروحة السير من الزوال إلى آخر النهار. وأو، هنا، للتقسيم لا للشك. ومعناه أن
الروحة يحصل بها هذا الثواب، وكذا الغدوة. والظاهر أنه لا يختص ذلك بالغدو والرواح
من بلدته بل يحصل هذا الثواب بكل غدوة أو روحة في طريقه إلى الغزو. وكذا غدوة
وروحة في موضع القتال. لأن الجميع يسمى غدوة وروحة في سبيل الله.
١١٣ - (١٨٨١) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ
سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ
(وَالْغَدْوَةَ يَغْدُوهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا
وَمَا فيها).
١١٤ - (١٨٨١) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير
بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ،
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ (غَدْوَةٌ
أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خير من الدنيا وما فيها).
١٤٤ م - (١٨٨٢) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَي بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ
ذَكْوَانَ بن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ (لَوْلَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أُمَّتِي) وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ
(وَلَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا
فِيهَا).
١١٥ - (١٨٨٣) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق
بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ
وَإِسْحَاق) (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا
الْمُقْرِئُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ.
حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (غَدْوَةٌ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ
وَغَرَبَتْ).
(١٨٨٣) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الْمُبَارَكِ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَحَيْوَةُ بْنُ
شُرَيْحٍ. قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ
الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، يمثله سواء.
٣١ - بَاب بَيَانِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ
تَعَالَى لِلْمُجَاهِدِ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الدَّرَجَاتِ.
١١٦
- (١٨٨٤)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحُبُلِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (يَا
أَبَا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا،
وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ.
فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَفَعَلَ. ثُمَّ قَالَ
(وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ. مَا بَيْنَ
كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) قَالَ: وَمَا هِيَ؟ يَا
رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ).
٣٢ - بَاب مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ كُفِّرَتْ خَطَايَاهُ، إِلَّا الدَّيْنَ
١١٧
- (١٨٨٥)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛
أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ (أَنَّ الْجِهَادَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَالْإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ) فَقَامَ رَجُلٌ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (نَعَمْ. إِنْ
قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ
مُدْبِرٍ) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كَيْفَ قُلْتَ؟) قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ
قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ (نَعَمْ. وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ.
إِلَّا الدَّيْنَ. فَإِنَّ جبريل عليه السلام، قال لي ذلك).
(محتسب) المحتسب هو المخلص لله تعالى.
(إلا
الدين) فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين. وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال
البر، لا يكفر حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى.
(١٨٨٥) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد
بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَي
(يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟
بِمَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ.
١١٨ - (١٨٨٥) وحدثنا سعيد بن منصور. حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ. ح قَالَ:
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. يَزِيدُ
أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، وَهُوَ عَلَى
الْمِنْبَرِ. فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضربت بسيفي. بمعنى حديث المقبري.
(قال وحدثنا محمد بن عجلان) القائل هو سفيان.
١١٩ - (١٨٨٦) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَي
بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ (يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ)
عَنْ عَيَّاشٍ (وَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
يَزِيدَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن
العاص؛
أن رسول الله ﷺ قال (يُغْفَرُ
لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ، إِلَّا الدَّيْنَ).
١٢٠ - (١٨٨٦) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ
أَبِي أَيُّوبَ. حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ؛
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ (الْقَتْلُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ، إِلَّا الدَّيْنَ).
٣٣ - بَاب بَيَانِ أَنَّ أَرْوَاحَ
الشُّهَدَاءِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
١٢١
- (١٨٨٧)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة. كِلَاهُمَا عَنْ
أَبِي مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا
جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. جميعا عَنْ الْأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ
وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. قَالَا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَالَ: سألنا عبد الله (هو ابن مسعود) عَنْ هَذِهِ
الْآيَةِ: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا
بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [٣ /آل عمران /١٦٩] قَالَ: أَمَا
إِنَّا سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ (أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ.
لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ. تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ
شَاءَتْ. ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ. فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ
رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً. فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ
⦗١٥٠٣⦘
نَشْتَهِي؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ
الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا. فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا
رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ!
نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي
سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا).
٣٤ - بَاب فَضْلِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ
١٢٢
- (١٨٨٨)
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ حَمْزَةَ
عَنْ محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛
أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ (رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ) قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ (مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ
الشِّعَابِ، يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ من شره).
(شعب) الشعب ما انفرج بين جبلين. وليس المراد
نفس الشعب خصوصا، بل المراد الانفراد والاعتزال. وذكر الشعب مثالا، لأنه خال عن
الناس غالبا.
١٢٣ - (١٨٨٨) حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ
أَفْضَلُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ (ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي
شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ. يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ).
١٢٤ - (١٨٨٨) وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ
الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ. فَقَالَ (وَرَجُلٌ
فِي شِعْبٍ) وَلَمْ يَقُلْ (ثُمَّ رَجُلٌ).
١٢٥ - (١٨٨٩) حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي
التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ بَعْجَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ أنه قال (من
خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ
⦗١٥٠٤⦘
فِي سَبِيلِ اللَّهِ. يَطِيرُ عَلَى
مَتْنِهِ. كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ. يَبْتَغِي
الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ. أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ فِي رَأْسِ
شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشَّعَفِ. أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ.
يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ. وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ
الْيَقِينُ. لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلَّا فِي خَيْرٍ).
(معاش الناس) المعاش هو العيش، وهو الحياة.
وتقديره، والله أعلم: من خير أحوال عيشهم رجل ممسك.
(ممسك
عنان فرسه) أي متأهب ومنتظر وواقف بنفسه على الجهاد في سبيل الله.
(يطير
على متنه) أي يسرع جدا على ظهره حتى كأنه يطير.
(هيعة)
الصوت عند حضور العدو.
(أو
فزعة) النهوض إلى العدو.
(يبتغي
القتل والموت مظانه) يعني يطلبه من مواطنه التي يرجى فيها، لشدة رغبته في الشهادة.
(غنيمة)
تصغير غنم. أي قطعة منها.
(شعفة)
أعلى الجبل.
١٢٦ - (١٨٨٩) وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَيَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ). كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ،
مِثْلَهُ. وَقَالَ: عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ. وَقَالَ (فِي
شِعْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ) خِلَافَ رِوَايَةِ يَحْيَى.
١٢٧ - (١٨٨٩) وحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي ﷺ. بمعنى حديث أَبِي حَازِمٍ عَنْ بَعْجَةَ.
وَقَالَ (فِي شِعْبٍ من الشعاب).
٣٥ - بَاب بَيَانِ الرَّجُلَيْنِ،
يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ.
١٢٨
- (١٨٩٠)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَنَا سفيان عن أبي
الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ (يَضْحَكُ
اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ. يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. كِلَاهُمَا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ) فَقَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (يُقَاتِلُ هَذَا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ
فَيُسْلِمُ. فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ).
(١٨٩٠) - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير
بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مثله.
١٢٩ - (١٨٩٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (يَضْحَكُ
اللَّهُ لِرَجُلَيْنِ. يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. كِلَاهُمَا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ). قَالُوا: كَيْفَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (يُقْتَلُ هَذَا
فَيَلِجُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْآخَرِ فَيَهْدِيهِ إِلَى
الْإِسْلَامِ. ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ).
٣٦ - بَاب مَنْ قَتَلَ كَافِرًا ثُمَّ
سَدَّدَ
١٣٠
- (١٨٩١)
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وقُتَيْبَةُ وعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ قال (لَا يَجْتَمِعُ
كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا).
١٣١ - (١٨٩١) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَوْنٍ الْهِلَالِيُّ. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ (لَا
يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) قِيلَ:
مَنْ هُمْ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِرًا ثم سدد).
(سدد) معناه استقام على الطريقة المثلى، ولم
يخلط.
٣٧ - بَاب فَضْلِ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، وَتَضْعِيفِهَا
١٣٢
- (١٨٩٢)
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا جرير عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ.
فَقَالَ: هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (لَكَ بها، يوم
القيامة. سبعمائة ناقة. كلها مخطومة).
(مخطومة) أي فيها خطام، وهو قريب من الزمام.
(١٨٩٢) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَائِدَةَ. ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا
مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. كِلَاهُمَا عَنْ
الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
٣٨ - بَاب فَضْلِ إِعَانَةِ الْغَازِي فِي
سَبِيلِ اللَّهِ بِمَرْكُوبٍ وَغَيْرِهِ، وَخِلَافَتِهِ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ
١٣٣
- (١٨٩٣)
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ أَبِي
عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ) قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ
عَنِ الأعمش، عن أبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ
الأَنْصَارِيِّ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
فَقَالَ: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي. فَقَالَ (مَا عِنْدِي) فَقَال رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ (مَنْ دَلَّ على خير فله مثل أجر فاعله).
(أبدع بي) وفي بعض النسخ: بدع بي. ونقله
القاضي عن جمهور رواة مسلم. قال: والأول هو الصواب، ومعروف في اللغة. ومعناه هلكت
دابتي وهي مركوبي.
(١٨٩٣) - وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا
عيسى بن يُونُسَ. ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدِ بْنِ
جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ. ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ.
١٣٤ - (١٨٩٤) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ).
حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا ثابن عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛
أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُرِيدُ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ.
قَالَ (ائْتِ فُلَانًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ). فَأَتَاهُ
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: أَعْطِنِي
الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ. قَالَ: يَا فُلَانَةُ! أَعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ
بِهِ. وَلَا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا. فَوَاللَّهِ! لَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا
فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ.
١٣٥ - (١٨٩٥) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَأَبُو الطَّاهِرِ (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ.
⦗١٥٠٧⦘
وقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ). أَخْبَرَنِي عَمْرٌو ابن الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ
الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ،
عن رسول الله ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ
جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا. وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ
بخير فقد غزا).
(فقد غزا) أي حصل له أجر بسبب الغزو. وهذا
الأجر يحصل بكل جهاد. وسواء قليله وكثيره. ولكل خالف له في أهله بخير، من قضاء
حاجة لهم، وإنفاق عليهم، أو ذب عنهم، أو مساعدتهم في أمر لهم.
١٣٦ - (١٨٩٥) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ). حَدَّثَنَا
حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة بن
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
الْجُهَنِيِّ. قَالَ:
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ (مَنْ
جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا. وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ فَقَدْ
غَزَا).
١٣٧ - (١٨٩٦) وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ علية عن علي بن المبارك. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ
بَعْثًا إِلَى بَنِي لَحْيَانَ، مِنْ هُذَيْلٍ. فَقَالَ (لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ
رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا. وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا).
(١٨٩٦) - وحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ
مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ (يعني بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ) قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ عَنْ يَحْيَي. حَدَّثَنِي أَبُو
سَعِيدٍ، مَوْلَى الْمَهْرِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بَعْثًا. بمعناه.
٢ م - (١٨٩٦) وحَدَّثَنِي إِسْحَاق
بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (يَعْنِي ابْنَ مُوسَى) عَنْ
شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَي، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١٣٨ - (١٨٩٦) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى
الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي سعيد الخدري؛
أن رسول الله ﷺ بَعَثَ إِلَى بَنِي
لَحْيَانَ (لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ) ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ
(أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ، كَانَ لَهُ مِثْلُ
نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ).
٣٩ - باب حرمة نساء المجاهدين، وإثم من
خانهن فِيهِنَّ
١٣٩
- (١٨٩٧)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ (حُرْمَةُ
نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ، كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ. وَمَا
مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي
أَهْلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِمْ، إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ
مِنْ عمله ما شاء. فما ظنكم؟).
(حرمة نساء المجاهدين) هذا في شيئين: أحدهما
تحريم التعرض لهن بريبة من نظر محرم وخلوة وحديث محرم وغير ذلك. والثاني في برهن
والإحسان إليهن وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة، ولا يتوصل بها إلى ريبة،
ونحوها.
(فما
ظنكم) معناه: ما تظنون في رغبته في أخذ حسناته والاستكثار منها في ذلك المقام، أي
لا يبقى منها شيئا إن أمكنه.
(١٨٩٧) - وحدثني محمد بن رافع. حدثنا يحيى بن
آدَمَ. حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ
بُرَيْدَةَ، عن أبيه. قال: قال (يَعْنِي النَّبِيِّ ﷺ بِمَعْنَى حَدِيثِ الثوري.
١٤٠ - (١٨٩٧) وحَدَّثَنَاه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ (فَقَالَ: فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ). فَالْتَفَتَ
إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ (فَمَا ظَنُّكُمْ؟)
٤٠ - بَاب سُقُوطِ فَرْضِ الْجِهَادِ عَنِ
الْمَعْذُورِينَ
١٤١
- (١٨٩٨)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ
لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ؛
أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ
فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لا يَسْتَوِي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل
الله﴾ [٤ /النساء /٩٥] فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْدًا فَجَاءَ بِكَتِفٍ
يَكْتُبُهَا. فَشَكَا إِلَيْهِ ابْنُ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ. فَنَزَلَتْ: ﴿لا
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المؤمنين غير أولي الضرر﴾.
⦗١٥٠٩⦘
قَالَ شُعْبَةُ: وَأَخْبَرَنِي
سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فِي هَذِهِ
الآية: لا يستوي القاعدون من المؤمنين. بِمِثْلِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ. وقَالَ ابْنُ
بَشَّار فِي رِوَايَتِهِ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رجل، عن
زيد بن ثابت.
(ضرارته) أي عماه. هكذا هو في جميع نسخ
بلادنا: ضرارته.
١٤٢ - (١٨٩٨) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ
الْبَرَاءِ. قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ. كَلَّمَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَنَزَلَتْ: غَيْرُ أُولِي
الضرر.
٤١ - بَاب ثُبُوتِ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ
١٤٣
- (١٨٩٩)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ
(وَاللَّفْظُ لِسَعِيد). أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو. سَمِعَ جَابِرًا
يَقُولُ:
قَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ أَنَا، يَا
رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ قُتِلْتُ؟ قَالَ (فِي الْجَنَّةِ) فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ
كُنَّ فِي يَدِهِ. ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلُ. وَفِي حَدِيثِ سُوَيْدٍ: قَالَ
رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ، يَوْمَ أُحُدٍ.
١٤٤ - (١٩٠٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ.
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. ح وحَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ. حَدَّثَنَا عِيسَى (يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ)
عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ. قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ
- قَبِيلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ - فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (عَمِلَ هذا يسيرا، وأجر كثيرا).
(بني النبيت) قبيلة من الأنصار.
١٤٥ - (١٩٠١) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ. قَالُوا:
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ (وَهُوَ ابْنُ
الْمُغِيرَةِ)
⦗١٥١٠⦘
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ. قَالَ:
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بُسَيْسَةَ، عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ. فَجَاءَ وَمَا
فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (قَالَ: لَا أَدْرِي مَا
اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ) قَالَ: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ. قَالَ: فَخَرَجَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَتَكَلَّمَ. فَقَالَ (إِنَّ لَنَا طَلِبَةً. فَمَنْ كَانَ
ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا) فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي
ظهرانهم في علو المدينة. فَقَالَ (لَا. إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا)
فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ. حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ
إِلَى بَدْرٍ. وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (لَا
يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ) فَدَنَا
الْمُشْرِكُونَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (قُومُوا إلى جنة عرضها السماوات
وَالْأَرْضُ) قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يا رسول
الله! جنة عرضها السماوات وَالْأَرْضُ؟ قَالَ (نَعَمْ) قَالَ: بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ
رسول الله ﷺ (ما يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ) قَالَ: لَا. والله! يا رسول
الله! إلى رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ (فَإِنَّكَ مِنْ
أَهْلِهَا) فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ. فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ.
⦗١٥١١⦘
ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ
حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ، إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. قَالَ فَرَمَى
بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثم قاتل حتى قتل.
(بسيسة) قال القاضي: هكذا هو في جميع النسخ.
قال: والمعروف في كتب السيرة: بسبس بن عمرو، ويقال: ابن بشر من الأنصار، من
الخزرج. ويقال حليف لهم. قلت (أي الإمام النووي): يجوز أن يكون أحد اللفظين اسما
له، والآخر لقبا.
(عينا)
أي متجسسا ورقيبا.
(عير
أبي سفيان) هي الدواب التي تحمل الطعام وغيره. قال في المشارق: العير هي الإبل
والدواب تحمل الطعام وغيره من التجارات. قال: ولا تسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك.
وقال الجوهري في الصحاح: العير الإبل تحمل الميرة. جمعها عيرات.
(طلبة)
أي شيئا نطلبه.
(ظهره)
الظهر الدواب التي تركب.
(ظهرانهم)
أي مركوباتهم.
(حتى
أكون أنا دونه) أي قدامه متقدما في ذلك الشيء. لئلا يفوت شيء من المصالح التي لا
تعلمونها.
(بخ
بخ) فيه لغتان: إسكان الخاء، وكسرها منونا. وهي كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في
الخير.
(إلا
رجاءة) هكذا هو في أكثر النسخ المعتمدة: رجاءة، بالمد زنصب التاء. وفي بعضها:
رجاء، بلا تنوين. وفي بعضها بالتنوين، وكله صحيح معروف في اللغة. ومعناه: والله ما
فعلته لشيء إلا رجاء أن أكون من أهلها.
(قرنه)
أي جعبة النشاب.
١٤٦ - (١٩٠٢) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى
التَّمِيمِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) (قَالَ
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا. وقَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ)
عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ
يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّ
أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ) فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ
الْهَيْئَةِ. فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى! آنْتَ سَمِعْتَ رسول الله ﷺ يقول هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ
السَّلَامَ. ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَأَلْقَاهُ. ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ
إِلَى الْعَدُوِّ. فضرب به حتى قتل.
(بحضرة) هو بفتح الحاء وضمها وكسرها. ثلاث
لغات. ويقال أيضا: بحضر.
(تحت
ظلال السيوف) قال العلماء: معناه أن الجهاد وحضور معركة القتال طريق إلى الجنة
وسبب لدخولها.
(جفن
سيفه) هو غمده.
١٤٧ - (٦٧٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ قَالَ:
جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيَّ ﷺ
فَقَالُوا: إِنَّ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ
وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ. يُقَالُ
لَهُمُ الْقُرَّاءُ. فِيهِمْ خَالِي حرام. يقرؤن الْقُرْآنَ. وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ
يَتَعَلَّمُونَ. وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي
الْمَسْجِدِ. وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ. وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ
لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلْفُقَرَاءِ. فَبَعَثَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْهِمْ.
فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ. قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. فَقَالُوا:
اللَّهُمَّ! بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا؛ أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا
عَنْكَ. وَرَضِيتَ عَنَّا. قَالَ وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا، خَالَ أَنَسٍ، مِنْ
خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ. فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ،
وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ (إِنَّ
إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا. وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ! بَلِّغْ عَنَّا
نَبِيَّنَا؛ أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عنك. ورضيت عنا).
(لأهل الصفة) أصحاب الصفة هم الفقراء الغرباء
الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي ﷺ. وكانت لهم في آخره صفة، وهو مكان منقطع من
المسجد مظلل عليه، يبيتون فيه. قاله إبراهيم الحربي والقاضي. وأصله من صفة البيت،
وهو شيء كالظلة قدامه.
١٤٨ - (١٩٠٣) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا سليمان ن الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ. قَالَ: قَالَ
أَنَسٌ:
عَمِّيَ الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ لَمْ
يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَدْرًا. قَالَ: فَشَقَّ عَلَيْهِ. قَالَ:
أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غُيِّبْتُ عَنْهُ. وَإِنْ أَرَانِيَ
اللَّهُ مَشْهَدًا، فِيمَا بَعْدُ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَيَرَانِي اللَّهُ
مَا أَصْنَعُ. قَالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا. قَالَ: فَشَهِدَ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ.
فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: يَا أبا عمرو! أين؟ فَقَالَ: وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ.
أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ. قَالَ: فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ: فَوُجِدَ فِي
جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ. مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. قَالَ
فَقَالَتْ أُخْتُهُ، عَمَّتِيَ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ: فَمَا عَرَفْتُ
أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا﴾ [٣٣ /الأحزاب /٢٣] قَالَ: فَكَانُوا يرون
أنها نزلت فيه وفي أصحابه.
(عمي الذي سميت به) أي باسمه، وهو أنس بن
النضير.
(ليراني
الله ما أصنع) هكذا هو في أكثر النسخ: ليراني. بالألف. وهو صحيح. ويكون ما أصنع
بدلا من الضمير في يراني. أي ليرى الله ما أصنع.
(فهاب
أن يقول غيرها) معناه أنه اقتصر على هذه اللفظة المبهمة، وهي قوله: ليراني الله ما
أصنع، مخافة أن يعاهد الله على غيرها، فيعجز عنه أو تضعف بنيته عنه، أو نحو ذلك.
وليكون أبرأ له من الحول والقوة.
(واها
لريح الجنة) قال العلماء: واها كلمة تحنن وتلهف. والقائل هو أنس.
(أجده
دون أحد) محمول على ظاهره، وأن الله تعالى أوجده ريحها من موضع المعركة. وقد ثبتت
الأحاديث أن ريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام.
٤٢ - بَاب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ
كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
١٤٩
- (١٩٠٤)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ
الْمُثَنَّى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ.
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ؛
أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى
النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ.
وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ
⦗١٥١٣⦘
وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى
مكانه. فمن سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ
كَلِمَةُ اللَّهِ أعلى فهو في سبيل الله).
(مكانه) أي مكانته ومرتبته وقدرته على
القتال، أو شجاعته.
(فمن
في سبيل الله) أي فقتال من في سبيل الله، على حذف المضاف. أو فمن المقاتل فيه.
١٥٠ - (١٩٠٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ
الْعَلَاءِ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو
مُعَاوِيَةَ) عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَنِ
الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً،
أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ فقال رسول الله ﷺ (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ
كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العليا، فهو في سبيل الله).
(حمية) هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن
عشيرته.
(١٩٠٤) - وحَدَّثَنَاه إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ
شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْنَا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! الرَّجُلُ يُقَاتِلُ مِنَّا شَجَاعَةً. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
١٥١ - (١٩٠٤) وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ
أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ؛
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ عَنِ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل؟ فَقَالَ: الرَّجُلُ
يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً. قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ -
وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا - فَقَالَ (مَنْ
قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
٤٣ - بَاب مَنْ قَاتَلَ لِلرِّيَاءِ
وَالسُّمْعَةِ اسْتَحَقَّ النَّارَ
١٥٢
- (١٩٠٥)
حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد بْنُ الْحَارِثِ. حَدَّثَنَا ابْنُ
جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. قَالَ:
تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ. فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ:
⦗١٥١٤⦘
أَيُّهَا الشَّيْخُ! حَدِّثْنَا
حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: نَعَمْ. سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ يَقُولُ (إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ،
رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ. فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ:
فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ:
كَذَبْتَ. وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ
أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ
تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ. فَأُتِيَ بِهِ. فَعَرَّفَهُ
نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ
الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ
وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ
لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ
حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ
مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ. فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ
فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ
تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ.
وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ
فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ. ثُمَّ أُلْقِيَ في النار).
(ناتل أهل الشام) وفي الرواية الأخرى: فقال
له ناتل الشامي. وهو ناتل بن قيس الحزامي الشامي من أهل فلسطين، وهو تابعي، وكان
أبوه صحابيا. وكان ناتل كبير قومه.
(قوله ﷺ في الغازي والعالم والجواد،
وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله، وإدخالهم النار - دليل على تغليظ تحريم الرياء
وشدة عقوبته، وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال، كما قال الله تعالى: ﴿وما
أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد
إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا. وكذلك الثناء على العلماء، وعلى المنفقين
في وجوه الخيرات، كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى، مخلصا).
(١٩٠٥) - وحَدَّثَنَاه عَلِيُّ بْنُ
خَشْرَمٍ. أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ ابْنِ
جُرَيْجٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. قَالَ:
تَفَرَّجَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقَالَ لَهُ نَاتِلٌ الشَّامِيُّ.
وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ خَالِدِ بن الحارث.
٤٤ - بَاب بَيَانِ قَدْرِ ثَوَابِ مَنْ
غَزَا فَغَنِمَ وَمَنْ لَمْ يَغْنَمْ
١٥٣
- (١٩٠٦)
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، أَبُو
عَبْدِ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
⦗١٥١٥⦘
قَالَ (مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو
فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ، إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ
أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ. وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ. وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا
غَنِيمَةً تَمَّ لهم أجرهم).
١٥٤ - (١٩٠٦) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ
التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ. أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ
يَزِيدَ. حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ. حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (ما مِنْ
غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ إِلَّا كَانُوا قَدْ
تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ. وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخْفِقُ
وَتُصَابُ إِلَّا تم أجورهم).
(تخفق) قال أهل اللغة: الإخفاق أن يغزوا فلا
يغنموا شيئا. وكذلك كل طالب حاجة إذا لم تحصل فقد أخفق. ومنه: أخفق الصائد، إذا لم
يقع له صيد. وأما معنى الحديث، فالصواب الذي لا يجوز غيره أن الغزاة، إذا سلموا،
أو غنموا، يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم، أو سلم ولم يغنم. وأن الغنيمة هي في
مقابلة جزء من أجر غزوهم. فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو،
وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر.
وهذا موافق للأحاديث الصحيحة
المشهورة عن الصحابة. كقوله: منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا. ومنا من أينعت له
ثمرته فهو يهدبها، أي يجتنيها.
فهذا هو الذي ذكرنا هو الصواب. وهو
ظاهر الأحاديث. ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا. فتعين حمله على ما ذكرنا.
وقد اختار القاضي عياض معنى هذا الذي
ذكرناه، بعد حكايته، في تفسيره، أقوالا فاسدة.
٤٥ - بَاب قَوْلِهِ ﷺ (إِنَّمَا
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ مِنَ
الْأَعْمَالِ
١٥٥
- (١٩٠٧)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بن
وقاص، عن عمر ابن الْخَطَّابِ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّمَا
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ.
⦗١٥١٦⦘
وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى.
فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ. وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجر إليه).
(إنما الأعمال بالنية) أجمع المسلمون على عظم
موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وصحته. قال الشافعي وآخرون: هو ثلث الإسلام. وقال
الشافعي: يدخل في سبعين بابا من الفقه. وقال آخرون: وهو ربه الإسلام. وقال عبد
الرحمن بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب
على تصحيح النية. ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا. وقد فعل ذلك البخاري وغيره.
فابتدؤا به قبل كل شيء. وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه. قال الحفاظ: ولم
يصح هذا الحديث عن النبي ﷺ إلا من رواية عمر بن الخطاب. ولا عن عمر إلا من رواية
علقمة بن وقاص. ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي. ولا عن محمد
إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري. وعن يحيى انتشر فرواه عنه أكثر من مائتي
إنسان، أكثرهم أئمة. ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا، وإن كان مشهورا عند الخاصة
والعامة، لأنه فقد شرط التواتر في أوله.
وفيه طرفة من طرف الإسناد. فإنه رواه
ثلاثة تابعيون. بعضهم عن بعض: يحيى ومحمد وعلقمة. قال جماهير العلماء من أهل
العربية، والأصول وغيرهم: لفظة إنما موضوعة للحصر. تثبت المذكور وتنفي ما سواه.
فتقدير هذا الحديث: أن الأعمال تحسب إذا كانت بنية. ولا تحسب إذا كانت بلا نية.
(وإنما
لامرئ ما نوى) قالوا: فائدة ذكره بعد (إنما الأعمال بالنية) بيان أن تعيين المنوى
شرط. فلو كان على إنسان صلاة مقضية، لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة. بل يشترط أن
ينوي كونها ظهرا أو غيرها. ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين،
أو أوهم ذلك.
(فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله) معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله. ومن
قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه. ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة. وأصل
الهجرة الترك. والمراد، هنا، ترك الوطن. وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين:
أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس،
فقيل له: مهاجر أم قيس. والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك. وهو من باب
ذكر الخاص بعد العام، تنبيها على مزيته.
٤٦ - بَاب اسْتِحْبَابِ طَلَبِ
الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى
١٥٦
- (١٩٠٨)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَنْ
طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا، أُعْطِيَهَا، ولو لم تصبه).
(من طلب الشهاة صادقا، أعطيها، ولو لم تصبه)
وفي الرواية الأخرى: من سأل الله الشهادة بصدق. معنى الرواية الأولى مفسر من
الرواية الثانية. ومعناهما جميعا أنه سأل الشهادة بصدق أعطى من ثواب الشهداء، وإن
كان على فراشه. وفيه استحباب سؤال الشهادة واستحباب نية الخير.
١٥٧ - (١٩٠٩) حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى
(واللفظ لِحَرْمَلَةَ) (قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَخْبَرَنَا. وقَالَ حَرْمَلَةُ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ). حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ؛ أَنَّ سَهْلَ
بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ؛ عَنْ
جده؛ أن النبي ﷺ قال (من سأل الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ
الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الطَّاهِرِ
فِي حَدِيثِهِ (بِصِدْقٍ).
٤٧ - بَاب ذَمِّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ
يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ
١٥٨
- (١٩١٠)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ وُهَيْبٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ (من مَاتَ وَلَمْ
يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ).
قَالَ ابْنُ سَهْمٍ: قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: فَنُرَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ.
(فنرى) بضم النون. أي نظن. وهذا الذي قاله
ابن المبارك محتمل. وقد قال غيره: إنه عام. والمراد أن من فعل هذا فقد أشبه
المنافقين المتخلفين عن الجهاد، في هذا الوصف. فإن ترك الجهاد أحد شعب النفاق.
٤٨ - بَاب ثَوَابِ مَنْ حَبَسَهُ عَنِ
الْغَزْوِ مَرَضٌ أَوْ عُذْرٌ آخَرُ
١٥٩
- (١٩١١)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي
غَزَاةٍ. فَقَالَ (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا
قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ. حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ).
(١٩١١) - وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحدثنا أبو بكر ابن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو
سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ
إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. كُلُّهُمْ عَنْ الْأَعْمَشِ.
بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ (إِلَّا شركوكم في الأجر).
(شركوكم) قال أهل اللغة: شركه، بكسر الراء،
بمعنى شاركه، وفي هذا الحديث فضيلة النية في الخير. وإن من نوى الغزو أو غيره من
الطاعات، فعرض له عذر منعه، حصل له ثواب نيته. وإنما كلما أكثر من التأسف على فوات
ذلك وتمنى كونه مع الغزاة ونحوهم، كثر ثوابه.
٤٩ - بَاب فَضْلِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ
١٦٠
- (١٩١٢)
حَدَّثَنَا يَحْيَي بن يحيى قال: قرأت على مالك عن إسحاق ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بن مالك؛
أن رسول الله ﷺ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى
أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ. وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا
فَأَطْعَمَتْهُ. ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ. فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ،
ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ؟ يَا
رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي
سَبِيلِ اللَّهِ. يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ. مُلُوكًا عَلَى
الْأَسِرَّةِ. أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ). (يَشُكُّ أَيَّهُمَا
قَالَ) قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي
⦗١٥١٩⦘
مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا. ثُمَّ
وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ. ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ فَقُلْتُ:
مَا يُضْحِكُكَ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا
عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى. قَالَتْ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ (أَنْتِ
مِنَ الْأَوَّلِينَ).
فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ
مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ. فَصُرِعَتْ عَنْ دابتها حين خرجت من
البحر فهلكت.
(أم حرام بنت ملحان) اتفق العلماء على أنها
كانت محرما له ﷺ. واختلفوا في كيفية ذلك. فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى
خالاته من الرضاعة. وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده. لأن عبد المطلب كانت
أمه من بني النجار.
(ثبج)
هو ظهره ووسطه.
(مثل
الملوك على الأسرة) قيل: هو صفة لهم في الآخرة، إذا دخلوا الجنة. والأصح أنه صفة
لهم في الدنيا. أي يركبون مراكب الملوك لسعة حالهم واستقامة أمرهم وكثرة عددهم.
(في
زمن معاوية) قال القاضي: قال أكثر أهل السير والأخبار. إن ذلك كان في خلافة عثمان
بن عفان رضي الله عنه. وإن فيها ركبت أم حرام وزوجها إلى قبرس فصرعت عن
دابتها هناك. فتوفيت ودفنت هناك. وعلى هذا يكون قوله في زمان معاوية - معناه في
زمان غزوه في البحر، لا في أيام خلافته.
١٦١ - (١٩١٢) حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ.
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
يَحْيَي بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ حَرَامٍ، وَهِيَ
خَالَةُ أَنَسٍ. قَالَتْ:
أَتَانَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا.
فَقَالَ عِنْدَنَا. فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ؟ يَا
رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! قَالَ (أُرِيتُ قَوْمًا مِنْ أُمَّتِي
يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ. كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) فَقُلْتُ: ادْعُ
اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ (فَإِنَّكِ مِنْهُمْ) قالت: ثم نام
فاستيقظ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ. فَقُلْتُ:
ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ (أَنْتَ مِنَ الْأَوَّلِينَ).
قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ
بْنُ الصَّامِتِ، بَعْدُ. فَغَزَا فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ. فَلَمَّا
أَنْ جَاءَتْ قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ. فَرَكِبَتْهَا. فَصَرَعَتْهَا. فاندقت
عنقها.
١٦٢ - (١٩١٢) وحَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ
بْنِ الْمُهَاجِرِ وَيَحْيَي بْنُ يَحْيَي. قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ
خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي. ثُمَّ استيقظ وهو يبتسم. قَالَتْ فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا
عَلَيَّ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ) ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ
حديث حماد بن زيد.
(الأخضر) قال الحافظ في الفتح: قال الكرماني:
هي صفة لازمة للبحر لا مخصصة. انتهى. ويحتمل أن تكون مخصصة لأن البحر يطلق على
الملح والعذب، فجاء لفظ الأخضر لتخصيص الملح بالمراد. قال: والماء في الأصل لا لون
له. وإنما تنعكس الخضرة من انعكاس الهواء وسائر مقابلاته إليه. وقال غيره: إن الذي
يقابله السماء. وقد أطلقوا عليها الخضراء لحديث (ما أظلت الخضراء ولا أقلت
الغبراء) والعرب تطلق الأخضر على كل لون ليس أبيض ولا أحمر. قال الشاعر:
وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة
من نسل العرب
يعني أنه ليس بأحمر كالعجم.
٥٠ - بَاب فَضْلِ الرِّبَاطِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ عز وجل
١٦٣
- (١٩١٣)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامٍ الدَّارِمِيُّ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ (يَعْنِي ابْنَ
سَعْدٍ) عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ
السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ. وَإِنْ
مَاتَ، جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وأجري عليه رزقه، وأمن
الفتان).
(السمط) يقال: بفتح السين وكسر الميم. ويقال:
بكسر السين وإسكان الميم.
(رباط)
أصل الرباط ما تربط به الخيل. ثم قيل لكل أهل ثغر يدفع عمن خلفه: رباط.
(وأمن
الفتان) ضبطوا أمن بوجهين: أحدهما أمن بفتح الهمزة وكسر الميم من غير واو. والثاني
أومن بضم الهمزة وبواو. وأما الفتان فقال القاضي: رواية الأكثرين بضم الفاء جمع
فاتن. قال: ورواية الطبري بالفتح.
(١٩١٣) - حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عَبْدِ
الْكَرِيمِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ سَلْمَانَ الْخَيْرِ، عن رسول الله ﷺ. بِمَعْنَى
حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى.
٥١ - بَاب بَيَانِ الشُّهَدَاءِ
١٦٤
- (١٩١٤)
حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ
(بَيْنَمَا رَجُلٌ، يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ.
فَأَخَّرَهُ. فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ. فَغَفَرَ لَهُ). وَقَالَ (الشُّهَدَاءُ
خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ،
وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل.
(الشهداء خمسة: المطعون ...) المطعون هو الذي
يموت في الطاعون. والمبطون صاحب داء البطن وهو الإسهال. قال القاضي: وقيل: هو الذي
به الاستسقاء وانتفاخ البطن. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقا. وأما الغرق فهو
الذي يموت في الماء. وصاحب الهدم من يموت تحته.
١٦٥ - (١٩١٥) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (مَا تَعُدُّونَ
الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ (إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ)
قَالُوا: فَمَنْ هُمْ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ
فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ).
قَالَ ابْنُ مقسم: أَشْهَدُ عَلَى
أَبِيكَ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ أَنَّهُ قَالَ (وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ).
(١٩١٥) - وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ
بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ،
مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ سُهَيْلٌ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ مِقْسَمٍ: أَشْهَدُ عَلَى أَخِيكَ أَنَّهُ زَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
(وَمَنْ غَرِقَ فَهُوَ شهيد).
(على أخيك) هكذا وقع في أكثر نسخ بلادنا: على
أخيك وفي بعضها: على أبيك. وهو الصواب.
٢ م - (١٩١٥) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَفِي حَدِيثِهِ: قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
مِقْسَمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ. وَزَادَ فِيهِ (وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ).
١٦٦ - (١٩١٦) حدثنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ
الْبَكْرَاوِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ).
حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ. قَالَتْ:
قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: بِمَ
مَاتَ يَحْيَي بْنُ أَبِي عمرة؟ قالت قلت: بالطاعون. قالت فقالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ (الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ).
(١٩١٦) - وحَدَّثَنَاه الْوَلِيدُ بْنُ
شُجَاعٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ،
بِمِثْلِهِ.
٥٢ - باب فضل الرمي والحث عليه، ودم مَنْ
عَلِمَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ
١٦٧
- (١٩١٧)
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ، ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ؛ أَنَّهُ
سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِر يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وهو
عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من قوة. أَلَا
إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ. أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرمي. ألا أن القوة الرمي).
(وأعدوا لهم ما استطعتم ..) قوله ﷺ في تفسير
قوله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة - ألا أن القوة الرمي. قالها ثلاثا. هذا
تصريح بتفسيرها: ورد لما يحكيه المفسرون من الأقوال سوى هذا. وفيه، وفي الأحاديث
بعده، فضيلة الرمي والمناضلة والاعتناء بذلك، بنية الجهاد في سبيل الله تعالى.
وكذلك المثاقفة وسائر أنواع استعمال السلاح. وكذا المسابقة بالخيل وغيرها. والمراد
بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق فيه ورياضة الأعضاء بذلك.
١٦٨ - (١٩١٨) وحدثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي
عَلِيٍّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ. وَيَكْفِيكُمُ اللَّهُ. فَلَا يَعْجِزُ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ).
(١٩١٨) - وحَدَّثَنَاه دَاوُدُ بْنُ
رُشَيْدٍ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
الْحَارِثِ، عن أبي علي الهمذاني. قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ عَنِ
النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ.
١٦٩ - (١٩١٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ
بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ؛ أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ قَالَ
لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ:
تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ
الْغَرَضَيْنِ، وَأَنْتَ
⦗١٥٢٣⦘
كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْكَ. قَالَ
عُقْبَةُ: لَوْلَا كَلَامٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لم أعاينه. قَالَ
الْحَارِثُ: فَقُلْتُ لِابْنِ شَمَاسَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ (مَنْ
عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تركه، فليس منا، أو قد عصى).
(أعاينه) هكذا هو في معظم النسخ: لم أعاينه،
بالياء. وفي بعضها: لم أعانه، بحذفها. وهو الفصيح. والأول لغة معروفة سبق بيانها
مرات.
٥٣ - بَاب قَوْلِهِ ﷺ (لَا تزال ظائفة
مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ)
١٧٠
- (١٩٢٠)
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَقُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) عَنْ أَيُّوبَ.
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (لَا
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ. لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَذَلَهُمْ. حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ). وَلَيْسَ فِي حديث
قتيبة (وهم كذلك).
(طائفة) قال البخاري: هم أهل العلم. وقال
أحمد بن حنبل رضي الله عنه: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم!. قال
القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذاهب أهل الحديث. قال
الإمام النووي: يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين. فمنهم شجعان
مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن
المنكر. ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير. ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون
متفرقين في أقطار الأرض.
(من
خذلهم) يعني من خالفهم.
(حتى
يأتي أمر الله) المراد به هو الريح التي تأتي فتاخذ روح كل مؤمن ومؤمنة.
١٧١ - (١٩٢١) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ
وَعَبْدَةُ. كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (يَعْنِي الْفَزَارِيَّ)
عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ الْمُغِيرَةِ. قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى
يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ، وَهُمْ ظَاهِرُونَ).
(١٩٢١) - وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ
رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
يَقُولُ. بِمِثْلِ حَدِيثِ مَرْوَانَ. سواء.
١٧٢ - (١٩٢٢) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أَنَّهُ قَالَ
(لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا، يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى تَقُومَ الساعة).
١٧٣ - (١٩٢٣) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رسول الله ﷺ يقول (لَا
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
١٧٤ - (١٠٣٧) حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي
مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ؛ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ هَانِئٍ حَدَّثَهُ. قَالَ: سَمِعْتُ
مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ
(لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا
يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ
وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى الناس).
١٧٥ - (١٠٣٧) وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ
مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ (وَهُوَ ابْنُ
بُرْقَانَ) حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ. قَالَ: سَمِعْتُ معاوية ابن أَبِي
سُفْيَانَ ذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. لَمْ أَسْمَعْهُ رُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى منبره وحديثا غَيْرَهُ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَنْ
يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ ناوأهم،
إلى يوم القيامة).
(ناوأهم) أي عاداهم.
١٧٦ - (١٩٢٤) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ. حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ.
حَدَّثَنَا عمرو بن الحارث. حدثني يزيد أَبِي حَبِيبٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ. قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ
مُخَلَّدٍ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ. هُمْ شَرٌّ مِنْ
أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. لَا يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَيْءٍ إِلَّا رَدَّهُ
عَلَيْهِمْ.
⦗١٥٢٥⦘
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ
أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: يَا عُقْبَةُ! اسْمَعْ
مَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالَ عُقْبَةُ: هُوَ أَعْلَمُ. وَأَمَّا أَنَا
فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ (لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي
يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لَا يَضُرُّهُمْ
مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ). فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ: أَجَلْ. ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ.
مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ. فَلَا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ
حَبَّةٍ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا قَبَضَتْهُ. ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ،
عَلَيْهِمْ تَقُومُ الساعة.
١٧٧ - (١٩٢٥) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ (لا يَزَالُ
أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تقوم الساعة).
(أهل الغرب) قال علي بن المديني: المراد بأهل
الغرب، العرب، والمراد بالغرب، الدلو الكبير لاختصاصهم بها غالبا. وقال آخرون:
المراد به الغرب من الأرض. وقال معاذ: هم بالشام: وجاء في حديث آخر: هم ببيت
المقدس. وقيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك. قال القاضي: وقيل المراد بأهل الغرب،
أهل الشدة والجلد. وغرب كل شيء حده.
٥٤ - باب مراعاة مصلحة الدوس فِي
السَّيْرِ، وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعْرِيسِ فِي الطَّرِيقِ
١٧٨
- (١٩٢٦)
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قال رسول الله ﷺ (إِذَا سَافَرْتُمْ
فِي الْخِصْبِ، فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الْأَرْضِ. وَإِذَا
سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ، فَأَسْرِعُوا عليها في السَّيْرَ. وَإِذَا عَرَّسْتُمْ
بِاللَّيْلِ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ. فَإِنَّهَا مأوى الهوام بالليل).
(الخصب) هو كثرة العشب والمرعى، وهو ضد الجدب.
(السنة)
هي القحط. ومنه قوله تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين، أي بالقحوط.
(١٩٢٦) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ
سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ سُهَيْلٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن رسول الله ﷺ قَالَ (إِذَا
سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ، فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الْأَرْضِ.
⦗١٥٢٦⦘
وَإِذَا سافرتم بالسنة، فَبَادِرُوا
بِهَا نِقْيَهَا. وَإِذَا عَرَّسْتُمْ. فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ. فإنها طرق
الدواب، ومأوى الهوام بالليل).
(نقيها) النقي هو المخ. ومعنى الحديث الحث
على الرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها. فإن سافروا في الخصب قللوا السير وتركوها ترعى
في بعض النهار، وفي أثناء السير، فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها. وإن سافروا
في القحط عجلوا السير ليصلوا المقصد وفيها بقية من قوتها. ولا يقللوا السير
فيلحقها الضرر. لأنها لا تجد ما ترعى فتضعف ويذهب نقيها وربما كلت ووقفت.
(وإذا
عرستم) قال أهل اللغة: التعريس النزول في أواخر الليل للنوم والراحة. هذا قول
الخليل والأكثرين. وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار. والمراد
بهذا الحديث هو الأول. وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه ﷺ. لأن الحشرات
ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع وغيرها، تمشي في الليل على الطرق لسهولتها.
ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، وما تجد فيها من رمة ونحوها. فإذا عرس
الإنسان في الطريق ربما مر به ما يؤذيه، فلينبغي أن يتباعد عن الطريق.
٥٥ - بَاب السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ
الْعَذَابِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْمُسَافِرِ إِلَى أَهْلِهِ، بَعْدَ
قَضَاءِ شُغْلِهِ
١٧٩
- (١٩٢٧)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ
أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي
مُزَاحِمٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). قَالَ:
قُلْتُ لِمَالِكٍ: حَدَّثَكَ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
إن رسول الله ﷺ قَالَ (السَّفَرُ
قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ. يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.
فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ، فَلْيُعَجِّلْ إِلَى
أَهْلِهِ؟) قَالَ: نَعَمْ.
(يمنع أحدكم نومه ..) معناه يمنعه كمالها
ولذيذها، لما فيه من المشقة والتعب، ومقاساة الحر والبرد، والسرى والخوف، ومفارقة
الأهل والأصحاب، وخشونة العيش.
(نهمته)
النهمة هي الحاجة. والمقصود في هذا الحديث استحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد
قضاء شغله، ولا يتأخر لما ليس بمهم.
٥٦ - بَاب كَرَاهَةِ الطُّرُوقِ، وَهُوَ
الدُّخُولُ لَيْلًا، لِمَنْ وَرَدَ مِنْ سَفَرٍ
١٨٠
- (١٩٢٨)
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، عن أنس بن
مالك؛
أن رسول الله ﷺ كان لَا يَطْرُقُ
أَهْلَهُ لَيْلًا. وَكَانَ يَأْتِيهِمْ غُدْوَةً أو عشية.
(لا يطرق) الطروق هو الإتيان في الليل. وكل
آت في الليل فهو طارق.
(١٩٢٨) - وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ
حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدَّثَنَا
هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن عبد الله بن أبي طلحة عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ لا يدخل.
١٨١ - (٧١٥) حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ.
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ. أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ. ح وحَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي
(وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
كُنَّا مَعَ رسول الله ﷺ فِي
غَزَاةٍ. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ. فقال (أمهلوا حتى
ندخل ليلا (أي عشاء) كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة).
(تستحد) أي تزيل شعر عانتها. والاستحداد
استفعال، من استعمال الحديدة. وهي الموسى. والمراد إزالته كيف كان.
(المغيبة)
التي غاب زوجها.
١٨٢ - (٧١٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارٍ،
عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إذا قام
أَحَدُكُمْ لَيْلًا فَلَا يَأْتِيَنَّ أَهْلَهُ طُرُوقًا. حَتَّى تستحد المغيبة.
وتمتشط الشعثة).
(الشعثة) التي اغبر وتلبد وتوسخ شعر رأسها.
(٧١٥) - وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ.
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا سَيَّارٌ،
بِهَذَا الْإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
١٨٣ - (٧١٥) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، إِذَا
أَطَالَ الرَّجُلُ الْغَيْبَةَ، أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ طروقا.
(٧١٥) - وحَدَّثَنِيهِ يَحْيَي بْنُ حَبِيبٍ.
حَدَّثَنَا رَوْحٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
١٨٤ - (٧١٥) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا
وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ
يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا. يَتَخَوَّنُهُمْ أو يلتمس عثراتهم.
(يتخونهم) يظن خيانتهم ويكشف أستارهم. ويكشف
هل خانوا أم لا. ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره، لمن طال سفره، أن يقدم على
امرأته ليلا بغتة.
(٧١٥) - وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا
الْإِسْنَادِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قال سفيان: لا أدري في هذا الْحَدِيثِ
أَمْ لَا. يَعْنِي أَنْ يَتَخَوَّنَهُمْ أَوْ يلتمس عثراتهم.
١٨٥ - (٧١٥) وحدثنا محمد بن المثنى. حدثنا محمد بن
جَعْفَرٍ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. قَالَا
جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ محارب، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
بِكَرَاهَةِ الطُّرُوقِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: يَتَخَوَّنُهُمْ أو يلتمس عثراتهم.