(دَعْوَتُهُمُ
الرَّسُولَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ):
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ
أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى نَزَلَ بِذِي أَوَانَ [٥] بَلَدٍ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ، وَكَانَ أَصْحَابُ مَسْجِدِ
الضِّرَارِ قَدْ كَانُوا أَتَوْهُ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إلَى تَبُوكَ، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا قَدْ بَنَيْنَا مَسْجِدًا لِذِي الْعِلَّةِ
وَالْحَاجَةِ وَاللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَاللَّيْلَةِ الشَّاتِيَةِ، وَإِنَّا
نُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنَا، فَتُصَلِّي لَنَا فِيهِ، فَقَالَ:
إنِّي عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ، وَحَالِ
شُغْلٍ، أَوْ كَمَا قَالَ ﷺ، وَلَوْ قَدْ قَدِمْنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ
لَأَتَيْنَاكُمْ، فَصَلَّيْنَا لَكُمْ فِيهِ.
[١] حس: كلمة مَعْنَاهَا: أتألم، يَقُولهَا
الْإِنْسَان إِذا أُصِيب بِشَيْء. قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ بِمَعْنى أوه.
[٢]
الثطاط: جمع ثط، وَهُوَ صَغِير نَبَات شعر اللِّحْيَة.
[٣]
فِي أ: «هَؤُلَاءِ منى» .
[٤]
كَذَا فِي الْأُصُول ومعجم الْبلدَانِ. وشبكة شدخ: مَاء لأسلم من بنى غفار. وَفِي
اللِّسَان وَالنِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير (شَبكَ): «بشبكة جرح» . فيهمَا
أَنَّهَا مَوضِع بالحجاز فِي ديار غفار.
[٥]
قَالَ أَبُو ذَر: «كَذَا وَقع فِي الأَصْل بِفَتْح الْهمزَة، والخشنيّ يرويهِ
بِضَم الْهمزَة حَيْثُ وَقع» .
وَفِي مُعْجم مَا استعجم للبكرى: أَن
نزل (بِذِي أوران): مَوضِع مَنْسُوب إِلَى الْبِئْر الْمُتَقَدّمَة الذّكر، وَأَن
الرَّاء سَقَطت مِنْهُ (١: ٢٠٦ طبعة الْقَاهِرَة) .
٣٤-
سيرة ابْن هِشَام- ٢
(أَمْرُ الرَّسُولِ اثْنَيْنِ
بِهَدْمِهِ):
فَلَمَّا نَزَلَ بِذِي أَوَانَ،
أَتَاهُ خَبَرُ الْمَسْجِدِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُمِ،
أَخَا بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وَمَعْنِ بْنِ عَدِيٍّ، أَوْ أَخَاهُ عَاصِمُ
بْنُ عَدِيٍّ، أَخَا بَنِي الْعَجْلَانِ، فَقَالَ: انْطَلِقَا إلَى هَذَا
الْمَسْجِدِ الظَّالِمِ أَهْلُهُ، فَاهْدِمَاهُ وَحَرِّقَاهُ. فَخَرَجَا
سَرِيعَيْنِ حَتَّى أَتَيَا بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُمْ رَهْطُ مَالِكِ
بْنِ الدُّخْشُمِ، فَقَالَ مَالِكٌ لِمَعْنِ: أَنْظِرْنِي حَتَّى أخرج إِلَيْك
بتار مِنْ أَهْلِي. فَدَخَلَ إلَى أَهْلِهِ، فَأَخَذَ سَعَفًا مِنْ النَّخْلِ،
فَأَشْعَلَ فِيهِ نَارًا، ثُمَّ خَرَجَا يَشْتَدَّانِ حَتَّى دَخَلَاهُ وَفِيهِ
أَهْلُهُ، فَحَرَّقَاهُ وَهَدَّمَاهُ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَنَزَلَ فِيهِمْ
مِنْ الْقُرْآنِ مَا نَزَلَ: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرارًا وَكُفْرًا
وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ٩: ١٠٧ ... إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.
(أَسَمَاءُ
بُنَاتِهِ):
وَكَانَ الَّذين بنوه اثنى عَشَرَ
رَجُلًا: خِذَامُ بْنُ خَالِدٍ، مِنْ بَنِي عُبَيْدِ بْنِ زَيْدٍ، أَحَدِ بَنِي
عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَمِنْ دَارِهِ أُخْرِجَ مَسْجِدُ الشِّقَاقِ، وَثَعْلَبَةُ
بْنُ حَاطِبٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، مِنْ
بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبُو حَبِيبَةَ بْنِ الْأَزْعَرِ، مِنْ بَنِي
ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَخُو سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ،
مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَجَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَابْنَاهُ مُجَمِّعُ
بْنُ جَارِيَةَ، وَزَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ، وَنَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ، مِنْ بَنِي
ضُبَيْعَةَ، وَبَحْزَجُ، مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَبِجَادُ [١] بْنُ عُثْمَانَ،
مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ
(بْنِ زَيْدٍ) [٢] رَهْطُ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.
(مَسَاجِدُ
الرَّسُولِ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إلَى تَبُوكَ):
وَكَانَتْ مَسَاجِدُ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إلَى تَبُوكَ مَعْلُومَةً مُسَمَّاةً: مَسْجِدٌ
بِتَبُوكَ، وَمَسْجِدٌ بِثَنِيَّةِ مِدْرَانَ، وَمَسْجِدٌ بِذَاتِ الزِّرَابِ،
وَمَسْجِدٌ بِالْأَخْضَرِ، وَمَسْجِدٌ بِذَاتِ الْخِطْمِيِّ، وَمَسْجِدٌ
بِأَلَاءَ، وَمَسْجِدٌ بِطَرَفِ الْبَتْرَاءِ، مِنْ ذَنْبِ كَوَاكِبٍ، وَمَسْجِدٌ
بِالشِّقِّ، شِقَّ تَارَا، وَمَسْجِدٌ بِذِي الْجِيفَةِ، وَمَسْجِد
[١] قَالَ أَبُو ذَر: روى هُنَا بِالْبَاء
وَالنُّون، وبجاد (بِالْبَاء) قَيده الدَّار قطنى.
[٢]
زِيَادَة عَن أ.
بصدر خوضى، وَمَسْجِدٌ بِالْحِجْرِ،
وَمَسْجِدٌ بِالصَّعِيدِ، وَمَسْجِدٌ بِالْوَادِي، الْيَوْمَ، وَادِي الْقُرَى،
وَمَسْجِدٌ بِالرَّقُعَةِ مِنْ الشِّقَّةِ، شِقَّةِ بَنِي عُذْرَةَ، وَمَسْجِدٌ
بِذِي الْمَرْوَةِ، وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ، وَمَسْجِدٌ بِذِي خُشُبٍ.